Page 83 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 83

‫‪81‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                                        ‫َحتَّى لا‬                                   ‫ََقواطل ُفُحَهاَّم‪.‬ى َفاَياق ِن ُطَع ُف ٌة‪،‬و َهَوا َحِما َنن َقب ِل أن َي ِصي َح ال ِّدي ُك‪ ،‬أو‬
                        ‫َيق ُت َل ُكم ُس َلي َما ُن َو ُج ُنو ُده‪،‬‬                                           ‫َين ِش َّق ال َق َمر(‪.)25‬‬
                       ‫أو َيأ ُخ َذ ُكم أس َرى َوس َبا َيا‬                          ‫وفي عمل قائم على تع ّدد الأصوات‪ ،‬وتمايزها‪،‬‬
                      ‫إِ َل « ُك ُشو ِف ال ُعذ ِر َّية»(‪)28‬‬                         ‫وتضاربها‪ ،‬وتشابكها‪ ،‬تمثل الهوامش في (أرعى‬

                              ‫والإجابة تتضح في‬                                      ‫الشياه‪ )..‬صو ًتا خارجيًّا‪ ،‬يراقب ويتأمل الأصوات‬
                              ‫ا َنا ال َجا ِه ُل ال َج ُهو ُل‬                       ‫في مأساة الوجود‬  ‫و ُح َّمى‬  ‫الأخرى المتفاعلة بحرقة‬
    ‫ال َجا ِه ِ ُّل‪ُ ،‬جغ َراف َيا ِبلا َخ َرا ِئ َط‪َ ،‬و ُل َغا ٌت ِبلا ُمع َج ٍم‬     ‫وينفي ويوضح‬     ‫ويؤكد‬      ‫الإنساني‪ُ :‬يعلِّق ويسخر‬
   ‫َولا َنح ٍو‪َ ،‬وإِي َقا ٌع ِبلا َن َس ٍق؛ ا ُّي َها المف َت َر ُق ال َّشا ِئ ُك‪،‬‬
  ‫إِ َل اي َن؟ ُخذ ِب َي ِدي‪ ،‬أو اغ ِرسنِي أي َن َما ُت ِري ُد‪َ ،‬حر َب ًة‬           ‫ويعارض ويفسر‪ ..‬إلخ‪ ..‬بلا اندماج ربما في تلك‬
‫َنا ِر َّي ًة‪ ،‬أو َسه ًما أع َمى ِي ُش ُّق ال َّط ِريق إِ َل الا َما ِم‪)29(،‬‬
  ‫وهذه الثورة المضمونية تتشابك مع طرح شعري‬                                                                      ‫المأساة الجارية‪.‬‬
       ‫مغاير على مدار الديوان؛ فلم يعد للشاعر أن‬                                                         ‫[*] َتخلُو ِس ِجلا ُت ال َّدو َل ِة‪،‬‬
  ‫ينخرط في «جموع» غير موجودة‪ ،‬بل أن يكتشف‬                                                                    ‫َوالم َذ ِّك َرا ُت ال َّشخ ِصيَّ ُة‪،‬‬

                                                                                                      ‫َوالملا َح َظا ُت المك ُتو َب ُة َي َد ِو ًّيا ِف‬
                                                                                              ‫َه َوا ِم ِش َها‪َ ،‬فض ًل َعن ِس ِجلا ِت النَّ ِمي َم ِة‬

                                                                                                      ‫َوال َّشا ِئ َعا ِت‪ِ ،‬من َتح ِدي ِد َه ِو َّي ِة‬
                                                                                                     ‫ال َّشخ ِصيَّ ِة الم َخا َط َبة ُه َنا(‪.)26‬‬
                                                                                    ‫فثمة استقلالي ٌة نسبية لهذا الصوت عن «المعمعة»‬

                                                                                    ‫الجارية‪ ،‬بما يسمح بنوع من (كسر الإيهام)‬

                                                                                    ‫و(التغريب)‪ ،‬من خلال المباشرة أو السخرية أو‬

                                                                                    ‫التحفيز أو المعارضة؛ للمحافظة على درجة من‬

                                                                                    ‫يقظة الوعي‪ .‬كأنه الصوت الذي ينكز القارئ‬

                                                                                    ‫وينبهه ويثيره إلى عدم الاندماج الكلي‪ ،‬وعدم‬

                                                                                    ‫الانسياق العاطفي تما ًما‪ ،‬والاستسلام لطوفان‬
                                                                                    ‫الصور المتوالية‪ .‬وقد يكون الهامش اخترا ًقا لعدة‬

                                                                                    ‫عصور‪ ،‬وطرح رأي مغاير‪ ،‬وغير متوقع‪ ،‬استثارة‬

                                                                                                                ‫للتأمل‪:‬‬
                                                                                    ‫[*] َس َر َق ال ِفك َر َة ِمنِّي ُم َعا ِو َي ُة بن أ ِبي‬
                                                                                      ‫الُاس َفز َي ِا ُّلنا‪،‬لأ َقَبب ِد َل ُّي‪َ،‬خامل ََكاسةِم ُنَع ِشسر ًّرا َق ِرفًنا؛ ُأس َنَّرا ِة‬
                                                                                                           ‫ال َّز َمن(‪.)27‬‬
                                                                                    ‫فهناك إمكانية للتغيير‪ ،‬وخصو ًصا من قبل الشعب؛‬
                                                                                    ‫وقد كشفت ثورة يناير ‪ 2011‬عن إمكانية التغيير؛‬

                                                                                    ‫وقد تغيرت بالفعل أعماق الشعب المصري‪ ،‬ونظرته‬

                                                                                    ‫للحاكم (الذي لم يعد «مهيبًا»‪ ،‬ولا مقد ًسا)‪ ،‬إلى حد‬
                                                                                      ‫السخرية المهينة يوميًّا التي لم تكن لتخطر ببال‪،‬‬
                                                                                    ‫من قبل‪ .‬فالإمكانية موجودة (بالقوة) الآن‪ ،‬وليس‬

                                                                                    ‫(بالفعل) تشابك التغيير المضموني مع التغيير‬

                                                                                    ‫الشكلي‪ ،‬فالنص دعوة إلى الثورة؛ من حيث تصوير‬

                                                                                                                ‫الظلم‪:‬‬
   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88