Page 82 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 82

‫العـدد ‪26‬‬                      ‫‪80‬‬

                                                                      ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬

‫المطلوب؛ لاتساع سلطة‬

‫الشكل التقليدي‪ -‬فقد بدأ‬

‫العرب منذ عصر التدوين‬

‫بتحديد مجموعة من الضوابط‬

‫في الكتابة‪ ،‬وقواعد التأليف‬

‫والتصنيف بشكل تطبيقي‪،‬‬

‫تهتم بعتبات النص الموازي‪،‬‬

‫ثم أصبحت بعض المؤلفات‬
‫ُتن ّظر لهذه الضوابط في القرن‬
‫الثالث والرابع‪ ،‬مع طائفة من‬

‫الكتاب‪ ،‬كالجاحظ وابن قتيبة‬

‫والصولي‪ ،‬الذين تعرضوا‬

‫لمجموعة من القضايا التي‬

‫ترتبط بالنصوص الموازية‬

‫من قريب أو من بعيد‪ .‬فقد‬
‫ركز الصولي ‪-‬مث ًل‪ -‬في كتابه‬
   ‫«أدب الكاتب» على العنونة‬    ‫هنري ميشونيك‬                                        ‫جوليا كريستيفا‬    ‫جيرار جينيت‬

‫وفضاء الكتابة‪ ،‬وأدوات‬

‫التحبير والترقيش‪ ،‬وكيفية التصدير‪ ،‬والتقديم‬                                         ‫الهوامش والحواشي‬
                            ‫والتختيم(‪.)24‬‬
‫لم َت ُع ِد الهوامش عبارة عن رفاهية وزيادة‪ ،‬بل هي‬
   ‫جزء حيوي منه‪ ،‬ومحاولة لكسر غنائية النص‪،‬‬                              ‫اهتمت الشعرية الحدیثة اهتما ًما كبي ًرا بملحقات‬
  ‫وهي قصيدة لا تكتمل إلا بالمتن‪ ،‬وهذا جعل من‬                               ‫النص الداخلية والهوامش الملحقة داخل النص‬
    ‫عتبة الهامش‪ ،‬عتبة قرائية تحمل وظيفة تعمل‬
   ‫على بناء فضاء النص الشعري وأبعاد صورته‬                              ‫الشعري‪ ،‬لدرجة أصبحت هوامش النص الإبداعي‬
                                                                       ‫من أهم العتبات التي تحتضن فضاء الدلالة؛ فهي‬
‫الشعرية‪ ،‬كما صار علامة بصرية تكشف جمالية‬
                     ‫النص التي يحققها كلاهما‪.‬‬                               ‫ترتبط بكنه النصوص ذاتها‪ ،‬والهوامش ذات‬
                                                                       ‫إحالة دلالية؛ يضعها المبدع لعدة أسباب أو لرؤى‬
    ‫الاعتماد على الهوامش ليس جدي ًدا على رفعت‬                            ‫عدة؛ فقد تكون موجهة لمتلقي النص‪ ،‬وقد تكون‬
      ‫سلام؛ فقد اعتمد عليها في ديوان إشراقات‪،‬‬                          ‫لإضافة تفسیر وتعلیل أو استطراد أو إشارة‬

  ‫فالهامش والمتن متكاملان؛ لا متن ‪-‬في الوجود‪،‬‬                             ‫ما لتوضیح بعض الدلالات الواردة في المتن‪،‬‬
‫وفي الثقافة‪ -‬بلا هامش‪ .‬وأحيا ًنا ما يكون للهامش‬                       ‫فيع ّرف جیرار جینت الحاشیة على أنها «ملفوظ‬

      ‫ثقل المتن أو مركزيته‪ .‬فهو ليس بالضرورة‬                             ‫متغير الطول مرتبط وعادة بجزء منتهي تقريبًا‬
   ‫«هامشيًّا»‪ .‬وهو متعدد الأدوار بلا نمطية؛ فقد‬                        ‫من النص‪ ،‬إما أن يأتي مقاب ًل له و إما أن يأتي في‬
  ‫يكون تفسي ًرا‪ ،‬أو إيضا ًحا‪ ،‬أو نق ًدا‪ ،‬أو معارض ًة‪،‬‬
 ‫أو حتى سخرية مما ورد بالمتن‪ .‬وهو ‪-‬في جميع‬                                                             ‫المرجع”(‪.)23‬‬
                                                                      ‫وعادة ما يكون المبدع هو من يقوم بعملیة وضع‬
‫الحالات‪ -‬صوت مغاير‪ ،‬يترصد صوت المتن‬                                   ‫الهوامش لمؤلفه الإبداعي وتسمى بـ(الحواشي‬

‫بالمشاكسة أو الشراسة أو التعميق أو اكتشاف‬                                          ‫والهوامش التألیفية)‪.‬‬
                                                                                ‫ظهر الاهتمام بالنص الموازي (الهوامش‬
                              ‫ال ُبعد الغائب‪.‬‬                         ‫والحواشي) عند العرب قدي ًما –وإن لم يكن بالشكل‬
‫[*] لا ِق َيا َم َة‪َ ،‬ولا ُهم َيح َز ُنون‪ .‬اش َجا ُر ال َه َذ َيا ِن‬
   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87