Page 104 - m
P. 104

‫العـدد ‪58‬‬                            ‫‪102‬‬

                                                               ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

‫أمل سالم‬

‫ميتامورفوسيس‬

                 ‫قتل‬                                                    ‫زيارة‬

 ‫لم يكن قات ًل لمجرد حبه للقتل؛ فهو لم يشحذ يو ًما‬        ‫دعاه أحد أصدقائه لمصاحبته أثناء زيارته لأستاذ‬
‫سكينًا أو أجزاء مدفع سريع الطلقات‪ ،‬كان يستخدم‬           ‫كبير؛ فقد سمح له باصطحاب من شاء عند زيارته‪،‬‬
‫الكلمات! بعض الكلمات في أوقات معينة كفيلة بقتل‬
                                                              ‫حتى وإن لم يكن هناك سابق معرفة‪ .‬اعتذر!‬
 ‫الروح‪ ،‬بعدها يصبح الجسد خاو ًيا؛ جرب أن تدق‬               ‫موض ًحا أنه لم يقرأ للأستاذ كتا ًبا واح ًدا؛ فكيف‬
   ‫عليه سيطبِّل معك‪ ،‬وكلما تقادم زاد وقع الدقات‬           ‫يجلس في معيَّته؟! وتحسس موطنًا للقصور لديه؛‬
  ‫وارتفع ترددها‪ .‬تعتمد فلسفة القتل على الوصول‬                ‫فكيف لم يقرأ للأستاذ الكبير إلى تلك اللحظة؟!‬
    ‫إلى تردد لا يحتمله السور الخارجي ‪-‬الجسد‪-‬‬               ‫وهكذا وجد نفسه‪ ،‬يسلمه كتاب لآخر في رشاقة‬
                                                        ‫وسعادة؛ فقد تتابعت مطالعته لكتب الأستاذ تترى‪.‬‬
‫فيتداعى وليس مفاجأة‪ ،‬والآن علينا أن نحصي عدد‬            ‫فلما أنهى منها عد ًدا كافيًا لأن يحاوره هاب زيارته؛‬
                                 ‫القتلة في العالم‪.‬‬
                                                                   ‫فالجلوس في حضرة الأجلاء مسؤولية‪.‬‬
                 ‫رتق‬
                                                                       ‫انتصار‬
‫حذاؤها الضارب في القدم معوج عند الكعبين‪ ،‬لكنه‬
    ‫مل َّمع جي ًدا‪ ،‬ارتدت جور ًبا قدي ًما لونه «لحمي»‪،‬‬  ‫يبدو أن أخلاقي قد ساءت في الفترة الأخيرة؛ اليوم‬
                                                         ‫احتقرت شخ ًصا يستحق الاحتقار‪ ،‬ليس من وجهة‬
  ‫ذكرني بالجوارب التي كانت ترتديها أمي‪ ،‬رحمة‬            ‫نظري‪ ،‬لكن كل الذين عرفوه استيقنوا ذلك‪ .‬سعدت‬
  ‫الله عليها‪ .‬ولكي تداري ثقبين أو أكثر في جوربها‬         ‫ج ًّدا أنه أدرك أنني احتقرته؛ لم تقع عين َّي في عينه‪،‬‬

      ‫عمدت إلى لفه حوله ساقها بعد ارتدائه‪ ،‬الآن‬             ‫فقط كنت ألمح تحركاته الواثقة كرشا‪ ،‬تلك التي‬
        ‫أدركت‪ :‬لماذا كان جورب أمي دائ ًما ملفو ًفا‪.‬‬        ‫تحولت لنبضات مهتزة‪ ،‬وهو يحاول الوقوع في‬
                                                          ‫مخروطي البصري؛ علني ألقي عليه التحية‪ ،‬فيرد‬
                ‫قطار‬                                       ‫بأبهة السادة المسئولين في الدولة‪ ،‬لكنني لم أُ ِنله‬
                                                          ‫ذلك؛ جميل هو أحساس المنتصر خاصة مع عدو‬
      ‫أعرف لماذا تذكرت القطارات الآن! بين الحين‬
‫والحين أذهب إلى محطة القطار‪ ،‬أجلس على رصيف‬                                                  ‫من الأوغاد‪.‬‬

    ‫المحطة‪ ،‬أراقب حركة الركاب السريعة‪ ،‬سواء في‬
   ‫النزول أو في الصعود‪ ،‬بينما صوت جرار القطار‬
  ‫المستعد للمغادرة يطلق «وشيشه»؛ اشتقت لقطار‬

         ‫طويل من الأهل مضوا‪ ،‬وعلَّياللحاق بهم‪.‬‬
   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109