Page 105 - m
P. 105

‫‪103‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫القصة‬

                                                          ‫ثناء حسن‬

                                                    ‫البنت ليلى‬

 ‫الوحدة أكثر من سواه‪ .‬والأمر لا يحتمل ولا يجب‬        ‫اسمي ليلى‪ .‬مع أن الاسم ‪-‬أي اسم‪ -‬لم يكن ليؤثر‬
  ‫أن يؤ َّول أي تأويلات جنسية مبتذلة من تلك التي‬    ‫في المسار الطبيعي للأحداث‪ ،‬فلم تكن أحداث قصتنا‬
  ‫قد يشطح إليها خيال بعضكم المريض‪ ،‬على اعتبار‬        ‫هذه لتختلف كثي ًرا لو أن اسمي سارة أو صفاء أو‬
  ‫أن ليلة الخميس ليلة مشحونة بالدلالات الجنسية‬
   ‫السخيفة التي رسختها العادة منذ مئات السنين‪،‬‬        ‫نجوى مث ًل‪ .‬لكن كان عليَّ أن أذكر اسمي من باب‬
                                                                                      ‫اللياقة لا أكثر‪.‬‬
       ‫لنساء يستيقظن منهكات قبل شروق شمس‬
    ‫الجمعة‪ ،‬ليسكبن مياه الاستحمام أمام منازلهن‬         ‫حسنًا‪ ،‬اسمي ليلى‪ .‬ولنكت ِف في تعارفنا المقتضب‬
   ‫في الحواري الضيقة‪ ،‬ثم يقعدن على العتبات بدلع‬      ‫هذا بمجرد الاسم الأول‪ .‬فأنت بالنسبة إل َّي ستظل‬
  ‫ليتبادلن نظرات متواطئة وهن يمشطن شعورهن‬
‫المغسولة في تبا ٍه‪ ،‬ويتبادل الرجال النحنحة والسعال‬       ‫عزيزي القارئ‪ ،‬أو عزيزتي القارئة‪ ،‬أو أعزائي‬
  ‫من داخل المنازل بفخر طفولي يبعث على الضحك‪.‬‬          ‫القراء‪ ،‬مهما طال بقاؤنا م ًعا في هذه القصة‪ ،‬ومع‬
   ‫وأي ًضا بما حجزته لنفسها من مكانة خاصة بين‬         ‫ملاحظة أن هذه التفرقة في المسميات أتت من باب‬
 ‫بقية ليالي الأسبوع في أفلام الأبيض والأسود ذات‬     ‫الدقة اللغوية البحتة‪ ،‬ولا تنطوي على أية حساسيات‬
     ‫الطابع الكوميدي‪ ،‬وعند مؤلفي النكت ورؤساء‬
‫تحرير المجلات الهزلية وصحف الفضائح‪ ،‬حتى أن‬                          ‫أو تفضيلات جندرية من أي نوع‪.‬‬
   ‫أي تلميح مهما بلغ من غموض أو إبهام عن ليلة‬            ‫اسمي ليلى‪ ،‬وليس لدي ما أرغب في قوله ح ًّقا‪.‬‬
‫الخميس ‪-‬على اعتبارها ليلة مبروكة تستقبل النساء‬         ‫المسألة فقط أنني لا أرغب في البقاء بمفردي هذه‬
    ‫الصباحات التي تعقبها‪ ،‬بعظام مهشمة وشعور‬               ‫الليلة‪ .‬لا أحد منا يرغب في البقاء بمفرده ليلة‬
    ‫مبلولة‪ ،‬وحالة من الرضا الغامض والمؤقت عن‬           ‫خميس باردة وممطرة كهذه الليلة‪ .‬أليس كذلك؟‬
   ‫أزواجهم وعن العالم‪ -‬في وجود الفتيات‪ ،‬يصبح‬
                                                           ‫لكن لدى البعض منا ‪-‬طب ًقا للتفاوت النوعي‬
                                                     ‫الطبيعي ج ًّدا في القدرة على تحمل الأشياء‪ ،‬المستند‬

                                                        ‫في الغالب إلى عوامل جينية أو تفضيلات ترتكز‬
                                                     ‫على الميول والأهواء الشخصية‪ -‬القدرة على تحمل‬
   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110