Page 155 - m
P. 155

‫‪153‬‬        ‫تجديد الخطاب‬

‫موسى هلال‬  ‫محمد صالح النظيف‬                  ‫محمد بازوم‬                          ‫الشرف صدفة‪ ،‬وإنما كان لذلك‬
                                                                                   ‫سبب معلوم وقصة تروى‪ .‬إذ‬
             ‫مقتلة الدعم السريع وهمجيته‬       ‫ليس لديهم له أي انتماء‪ .‬فنفض‬      ‫كان قد استقبل قبلها بعدة أشهر‬
           ‫بعض أبناء هذه القبائل‪ ،‬إما ممن‬     ‫أقطاب بيت مادبو أياديهم مبك ًرا‬     ‫الزعيم إسماعيل الأزهري أثناء‬
                                                                                 ‫جولته في دارفور استقبا ًل مهيبًا‬
              ‫كانوا أص ًل ضمن مجنديه أو‬          ‫في إعلان جهير‪ .‬ولحقت بهم‬          ‫بعد الغنم‪ ،‬وعند اعتلاء الناظر‬
           ‫من المارقين الذين أغراهم السلب‬     ‫بيوتات النظارة في دار المسيرية‪.‬‬     ‫دبكة المنصة للترحيب بالضيف‬
           ‫والنهب‪ ،‬تبرأ ذووهم من فعالهم‪.‬‬      ‫بل وجه مثقفو هذه القبائل س ًّرا‬
           ‫فأبوا أن يضيفوهم لدى عودتهم‬       ‫وعلانية نداءات لحميدتي وهو في‬          ‫الكبير هتف «عاش السودان‬
                                                                                 ‫ح ًّرا مستق ًّل‪ ..‬فهاجت الجماهير‬
             ‫أو يعترفوا أن ما أتوا به غنيمة‬    ‫عزه وصولجانه يوزع الملايين‬
              ‫تحل لهم‪ .‬بل منهم من رفض‬        ‫كما توزع قطع الحلوى‪ .‬فناشدوه‬          ‫وماجت وأرعدت بذلك الهتاف‬
            ‫أن يمد يديه لقراءة الفاتحة على‬                                         ‫ليشق عنان السماء‪ .‬وقد تأثر‬
            ‫ابنه الذي قتل في صفوف الدعم‬          ‫أن يطامن من أحلامه وقالوا‬       ‫الزعيم الاتحادي بذلك أيما تأثر‪.‬‬
                                              ‫«إنا نرى شج ًرا يسير»‪ .‬وقد قرأ‬     ‫وربما أسهم هذا المشهد العفوي‬
                                 ‫السريع‪.‬‬       ‫الناس ما كتبه المهندس عبد الله‬     ‫في إكمال الصورة لديه والبلاد‬
              ‫وقد ساء هذه القبائل ما لحق‬       ‫مسار‪ .‬وسمعوا ما أعلنه السيد‬        ‫تتأهب للاختيار بين الاستقلال‬
             ‫بالجنينة مثلما ساء ذلك سائر‬     ‫موسى هلال‪ .‬وبلغ المهتمين خبر‬          ‫أو الوحدة مع مصر‪ .‬ومن ثم‬
            ‫أهل السودان‪ ،‬بل أشد‪ .‬ذلك لأن‬                                        ‫تقرر أن يتقدم دبكة بذلك المقترح‬
            ‫الدعم السريع قد استغل أسماء‬         ‫النصيحة المرة التي صدع بها‬
                                              ‫سياسيون كبار من هذه القبائل‬                            ‫التاريخي‪.‬‬
                ‫هذه القبائل في تلك المجزرة‬    ‫في جلسات خاصة مع حميدتي‪.‬‬           ‫أين عربان الشتات من كل هذا؟‬
                 ‫البشعة‪ .‬فما يجمع ماهرية‬                                          ‫أين هم من هذه البوتقة الكبرى‬
           ‫السودان بالمساليت أرسخ من أن‬           ‫ومن هؤلاء اقطاب المسيرية‬       ‫التي صهرت السودانيين جمي ًعا‬
             ‫تنفصم عراه بسبب فعال هذه‬            ‫أحمد الصالح صلوحة وعمر‬        ‫وق َّوت رابطتهم؟ وأين الانفتاح على‬
            ‫الجماعة المارقة‪ .‬وما بين الناظر‬      ‫سليمان والخير الفهيم المكي‪.‬‬     ‫هذه المعاني الوقادة من الانكفاء‬
           ‫محمود موسى مادبو والسلطان‬           ‫ومنهم سلمان سليمان الصافي‬
                                             ‫زعيم الحوازمة‪ .‬وحين شارك في‬              ‫على سرديات مغلقة ولَّدتها‬
                                                                                  ‫هجرات أبدية في تيه سرمدي؟‬
                                                                                 ‫وهل لعربان الشتات مصاهرات‬
                                                                                   ‫حتى مع بني عمومتهم جهينة‬
                                                                               ‫السودان؛ فض ًل عن أن تكون لهم‬
                                                                               ‫صلات بقبائل السودان الأخرى؟!‬
                                                                                   ‫إنني لا أقول إن هؤلاء ملائكة‬
                                                                                ‫وأولئك شياطين‪ .‬لكنني أرصد ما‬
                                                                                 ‫بين الفريقين من اختلاف شديد‬
                                                                                ‫قد يفوت على الذي ُتعشي بصره‬
                                                                                 ‫الأسماء المشتركة للقبيلين‪ .‬وهو‬
                                                                                   ‫اختلاف له انعكاساته العملية‪.‬‬
                                                                                ‫فقد رفض زعماء جهينة السودان‬
                                                                               ‫مشروع حميدتي وتوجسوا خيفة‬
                                                                                    ‫من إشراك عربان الشتات في‬
                                                                                   ‫مسائل من خصوصيات وطن‬
   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159   160