Page 151 - m
P. 151

‫‪149‬‬              ‫تجديد الخطاب‬

‫عبد الرحمن دبكة‬  ‫بابو نمر‬                           ‫إسماعيل الأزهري‬     ‫الآن بالنيجر ومالي وما وراءهما‪.‬‬
                                                                          ‫هؤلاء هم من يعنيهم هذا المقال‬
  ‫اليمن تحت مظلة الدعم السريع‬         ‫ما تترسخ في «الذاكرة الجمعية»‬        ‫بعبارة «عربان الشتات»‪ .‬وفي‬
‫ليكسروا شوكة الحوثيين‪ .‬وأخي ًرا‬       ‫لذلك الشعب وتشكل شخصيته‪.‬‬             ‫الحقيقة لم يعت ِن عالمنا العربي‬
                                                                          ‫بدراسة هذه الهجرات أو عرب‬
 ‫أتي بهم لاجتياح الخرطوم‪ .‬وفي‬               ‫فمثلما أن رحلة التيه عبر‬          ‫الشتات الذين نتجوا عنها‪.‬‬
     ‫هذه المرة يتضمن السيناريو‬         ‫صحراء سيناء قد شكلت هوية‬          ‫غير أن اليهود هم من أ ْو ُلوا هذه‬
                                     ‫الإسرائيليين فإن الهجرة لأربعة‬
 ‫جعل السودان وطنًا بدي ًل لهؤلاء‬       ‫قرون بمحاذاة حوض النيل ثم‬       ‫الهجرات اهتما ًما أوسع ودرسوها‬
 ‫العربان لتغيير التركيبة السكانية‬    ‫وادي الملك هي العامل الحاسم في‬       ‫بالطرق العلمية الحديثة‪ ،‬ليقفوا‬
                                      ‫تكوين هوية عرب الشوا بشمال‬           ‫على واقع وخصائص شعوب‬
     ‫فيه على نحو يخلخل المجتمع‬                                            ‫الشتات العربي‪ ،‬ويتبينوا أنجع‬
   ‫السوداني التقليدي‪ .‬ومشروع‬                             ‫الكاميرون‪.‬‬          ‫السبل للتعامل معها وكيفية‬
                                        ‫وبالرغم من تباعد النموذجين‬
     ‫إعادة توطين عربان الشتات‬           ‫موضوع الدراسة تم التوصل‬        ‫توظيفها لخدمة أغراضهم‪ .‬فأنفقوا‬
‫بالسودان جزء من مشروع كبير‬            ‫إلى أنه في الحالتين كانت للهجرة‬        ‫في ذلك الملايين‪ .‬ونتجت عن‬
                                        ‫الطويلة ذات الأثر على تشكيل‬
   ‫يهدف لإبدال النخبة السياسية‬                                           ‫جهودهم مكتبة تضم المئات من‬
   ‫في بلادنا بنخبة علمانية المزاج‪.‬‬         ‫هوية الشعبين دخل عربان‬       ‫الدراسات التي اتبعت في إعدادها‬
  ‫نخبة تهيئ لتجاوز الثقافة التي‬         ‫الشتات لأول مرة في معادلات‬
   ‫ولَّدت لاءات الخرطوم الثلاث‪،‬‬     ‫السياسة الدولية عام ‪ ،٢٠٠٣‬حين‬            ‫أفضل مناهج علم الاجناس‬
‫تلك اللاءات التي لا تزال إسرائيل‬      ‫تم استخدام قسم منهم لإشعال‬       ‫‪ Anthropology‬وتقنيات الحمض‬
 ‫تعتبرها شوكة في خاصرتها‪ .‬بل‬            ‫فتنة دارفور‪ .‬ثم توسع نطاق‬        ‫النووي ‪ .DNA‬وبينما أتيح قسم‬
  ‫نخبة تتجاوز ما يسميه البعض‬             ‫استخدامهم في عملية عاصفة‬
   ‫«سودان ‪ .»٥٦‬وإذا كان تغيير‬                                               ‫من هذه الدراسات للدارسين‬
    ‫النخبة السياسية هو مشروع‬             ‫الحزم التي أطلقت في مارس‬         ‫عبر محركات البحث الأكاديمي‬
 ‫الغرب كله‪ ،‬تقوده أمريكا وتقرها‬       ‫‪ .٢٠١٥‬حيث تم استجلابهم إلى‬         ‫بالإنترنت‪ ،‬فهناك ما هو مصنف‬
‫عليه أوروبا وتحركه إسرائيل من‬
                                                                           ‫تحت درجات السرية العالية‪.‬‬
                                                                           ‫وأذكر من الدراسات المفتوحة‬
                                                                       ‫دراسة لتوماس ليفي‪ ،‬وأوغستين‬
                                                                        ‫هول نشرت عام ‪ ٢٠٠٢‬في مجلة‬
                                                                         ‫‪Journal of Anthropological‬‬
                                                                       ‫‪ ،Archeology‬عقدت تلك الدراسة‬
                                                                            ‫مقارنة بين هجرة اليهود إلى‬
                                                                       ‫أرض كنعان حوالي ‪١٣٠٠ -١١٠٠‬‬
                                                                         ‫قبل الميلاد‪ ،‬وهجرة أعراب جذام‬
                                                                          ‫إلى شمالي الكاميرون ونيجيريا‬
                                                                         ‫خلال الفترة من ‪١٣٩٠ -١٠٥٠‬‬
                                                                       ‫ميلادية‪ ،‬ممن يعرفون حاليًا باسم‬
                                                                         ‫«عرب ال ُشوا» ‪.Shuwa Arabs‬‬
                                                                         ‫الأطروحة الأساسية التي تثبتها‬
                                                                           ‫تلك الدراسة هي أن الهجرات‬
                                                                       ‫تمثل قوى فعالة في تكوين هويات‬
                                                                       ‫الشعوب‪ .‬فالهجرة الرئيسة لشعب‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156