Page 147 - m
P. 147

‫نون النسوة ‪1 4 5‬‬                                                           ‫حتى يرتدين ما يحلو لهن‬
                                                    ‫من فساتين قصيرة» (تما ًما كما أفعل الآن‪ ،‬ص‪،16‬‬
‫تباين رد فعل الذات الأنثوية تجاه الآخر على امتداد‬
   ‫الديوان‪ ،‬فقد بدأت القصائد برد فعل تحاول فيه‬                                                 ‫‪)17‬‬
  ‫المرأة أن تخضع للآخر وتجعل فعلها يتماشى مع‬
   ‫الرؤية الذكورية التي يتبناها الكثير ممن حولها‪،‬‬                    ‫(‪)5‬‬

‫ويظهر هذا بوضوح في قصيدة رقم (‪ )16‬في مشهد‬               ‫ركزت الشاعرة في توضيح رؤيتها الأنثوية في‬
    ‫تقرر فيه امرأة أن ترحل بروحها عن هذا العالم‬         ‫عدد من قصائد الديوان على موقفها من الآخر‪،‬‬
                                                        ‫وقد تحقق ذلك من خلال تشكلات عدة أفردتها‬
‫الذي لم تجد من أشخاصه سوى التذمر من هيئتها‬            ‫عن الآخر وأفعاله ورؤاه‪ ،‬وإذا ما توقفنا عند هذه‬
    ‫والتحكم في كل فعل لها‪ ،‬فاستسملت المرأة لكل‬        ‫القصائد التي يبرز فيها حضور الآخر؛ فسيتبين‬
                                                        ‫لنا مدى تأثير الآخر ‪-‬على اختلاف أمثلته‪ -‬على‬
‫تعليق أُلق َي على ملابسها وتصرفاتها‪ ،‬لتجعل الآخر‬        ‫كل ما يخص المرأة‪ ،‬وهو توجه ساد مجتمعاتنا‬
   ‫مهيمنًا عليها فتسير على هواه لتصبح جس ًدا بلا‬       ‫العربية منذ قرون من الزمان وما زال هناك من‬
                                          ‫روح‪.‬‬       ‫يرسخ له على كل المستويات الثقافية منها والدينية‬
                ‫«الكلمات التي خرجت من أفواههم‬            ‫‪-‬على سبيل المثال‪ ،-‬وأضحت المرأة ‪-‬على هذا‬
                                        ‫جميعها‬        ‫النحو‪ -‬مادة يشكلها الآخر الذي يمتلك أي سلطة‬
                                        ‫شذبتها‬         ‫عليها بما في ذلك ‪-‬بالتأكيد‪ -‬السلطة الأبوية‪ ،‬بل‬
                             ‫وصنعت منها متكئًا‬      ‫تطور الأمر إلى أن أصبح أي رجل بإمكانه أن يقحم‬
                          ‫في تلك المنطقة الوسطى‬     ‫نفسه ويتحكم في أي امرأة إذا ما وجد فرصة لذلك!‬
                            ‫بين السماء والأرض‬        ‫وقد استطاعت سناء مصطفى تصوير هذا التطفل‬
                             ‫أرحت روحي عليه‪..‬‬          ‫وإسقاطه على شاعرة قررت نشر «قصيدة» على‬
                                      ‫وعدت أنا‬
                                   ‫ببنطال واسع‬                       ‫أحد مواقع التواصل الاجتماعي‪.‬‬
                                 ‫وحجاب مهندم‬                                        ‫«عليَّ أن أستثني‬
                             ‫لأضبط ملح الحساء‬
                      ‫وأطعم شاة جدتي الوحيدة‬                        ‫مجموعة معينة من رؤية المنشور‬
                            ‫وأرعى محصول أبي‬                                             ‫زوجي مث ًل‬

‫وأقيم كسر أعواده»‪( .‬تما ًما كما أفعل الآن‪ ،‬ص‪،44‬‬                             ‫سأفعل هذا تجنبًا للجدال‬
                                           ‫‪)45‬‬                                                   ‫‪..‬‬

   ‫تتحول الرؤية الأنثوية كلما اقتربنا من القصائد‬                      ‫سأستثني أي ًضا بعض الأقارب‬
    ‫الأخيرة في الديوان‪ ،‬لنصبح أمام صوت أنثوي‬                                              ‫والجيران‬
      ‫متمرد لا يقبل الخضوع للآخر ومجاراته‪ ،‬بل‬
                                                                                      ‫وزملاء العمل‬
               ‫يتحدى صوت الآخر ويقف ِن ًّدا له‪.‬‬             ‫وصاحب محل الملابس الذي يعرف زوجي‬
                                      ‫«أنا أحبك‬
                                                                       ‫والسائق الذي يقل خالي لعمله‬
                            ‫كما يليق بامرأة حرة‬                     ‫وصاحب الفرن القريبة من البيت‬
                                        ‫فانتبه‪..‬‬
                                                                                                ‫‪...‬‬
   ‫لن تطأ أرضي مستعم ًرا»‪( .‬تما ًما كما أفعل الآن‪،‬‬                                  ‫هل نسيت أح ًدا؟‬
                                        ‫ص‪)84‬‬                                     ‫عليَّ أن أكون حذرة‬
                                                     ‫فالعواقب قد تكون وخيمة»‪( .‬تما ًما كما أفعل الآن‪،‬‬
   ‫كما نجد هذا التحول في الرؤية يتبدل معه الكثير‬
 ‫مما كانت تتبناه الذات في القصائد الأولى‪ ،‬فبالرغم‬                                      ‫ص‪)65 ،64‬‬
  ‫من التماهي مع الأشياء والتحولات التي مرت بها‬
‫الذات فإنها مع الصفحات الأخيرة من الديوان تؤكد‬
   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152