Page 142 - m
P. 142

‫العـدد ‪58‬‬   ‫‪140‬‬

                                                     ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

   ‫المميز من الاستجابات الذي من شأنه أن يهمش‬                                                ‫مركزها‪:‬‬
  ‫العراقيل ويجعلها محض حجر عثرة في طريق قد‬                                             ‫«قررت اليوم‬
  ‫يكون مفرو ًشا بالأحجار والعثرات‪ ،‬ولكن لا بأس‬                           ‫أن أنشر قصيدة استثنائية‬
‫من تكرار المحاولة بد ًءا من وعودة إلى منطقة تحقق‬                                    ‫قصيدة تشبهني‬
   ‫وسلام روحي تختلف من امرأة إلى أخرى‪ ،‬وهذا‬
                                                                                                 ‫‪...‬‬
    ‫المجهود العميق والكبير والهادئ في الوقت ذاته‬                                           ‫لكن مه ًل‬
  ‫وإن بدا كأثر فراشة‪ ،‬فإن تراكمه قد يمهد الطريق‬                                      ‫عل َّي أن أستثني‬
  ‫أمام الأجيال القادمة‪ .‬وهذه الاستجابات وإن بدت‬                    ‫مجموعة معينة من رؤية المنشور‬
  ‫مفارقة للمألوف في ظل التلقي الإعلامي الخطابي‬                                          ‫زوجي مث ًل‬
                                                                           ‫سأفعل هذا تجن ًبا للجدال‬
    ‫الحدي والزاعق لقضايا المرأة‪ ،‬فإنها عملية تبدو‬                                     ‫وأبنائي أي ًضا‬
   ‫معتادة لدى أعداد كبيرة من النساء غير المرئيات‬                                           ‫وإخوتي‬

        ‫على ساحة الصراع‪ ،‬وإن كن أكثر فاعلية في‬                                                ‫وأمي‬
  ‫الانتصار لقضايا المرأة ‪-‬فيما أعتقد‪ -‬إذ يمارسن‬                  ‫لكي لا يشعروا بالحرج أمام الناس‬
‫التغيير بأنفسهن‪ ،‬يبترن حلقة التقاليد المتوارثة دون‬
  ‫انتظار قرارات فوقية واعترافات قهرية بحقوقهن‬                        ‫سأستثني أي ًضا بعض الأقارب‬
                                                                                          ‫والجيران‬
      ‫في الحياة‪ ،‬يأنفن من دور الضحية ويجدن في‬
  ‫مساحاتهن الخاصة ملا ًذا آمنًا لأرواحهن يعينهن‬                                       ‫وزملاء العمل‬
   ‫على مواصلة رحلتهن‪ ،‬وهذا ما جسدته الشاعرة‬                 ‫صاحب محل الملابس الذي يعرف زوجي‬
 ‫مرا ًرا عبر قصائدها‪ ،‬إذ بدت الشاعرة مناهضة على‬
                                                                     ‫والسائق الذي يقل خالي لعمله‬
    ‫نحو هادئ وشديد الذكاء لدور الضحية؛ فحين‬                        ‫وصاحب الفرن القريبة من البيت‬
      ‫تضغطها المتطلبات والالتزامات وتثقل روحها‬                 ‫الذي أخبرني يو ًما أنه يتابع صفحتي‬

  ‫الانتقادات تقصيها عن دائرة روحها وتهرب منها‬                                      ‫هل نسيت أح ًدا؟‬
  ‫إلى منطقتها الخاصة ثم تعود منها وقد استعادت‬                                    ‫عل َّي أن أكون حذرة‬
                                                                          ‫فالعواقب قد تكون وخيمة‬
     ‫قدرتها على المضي في رحلتها من جديد‪ .‬وتظل‬
    ‫روحها قادرة على التجدد رغم قسوة التجارب‪،‬‬                                               ‫هذا جيد‬
                                                                    ‫ها قد صنفتهم كأصدقاء مقربين‬
      ‫لأنها تؤمن من داخلها ألا سبيل للاستسلام‪:‬‬
                         ‫«أنا امرأة بسبع أرواح‬                          ‫وضبطت إعدادات المنشورات‬
                                                                          ‫واستثنيتهم» ص‪.66 -64‬‬
        ‫وقلبي مليء بالثقوب التي صنعتها يدك‬
                              ‫كلما خنقت رو ًحا‬          ‫ويبدو من خلال الديوان أن الشاعرة ُت ْص ِدر عن‬
                                                          ‫رؤية خاصة وإحساس عميق بوضع المرأة في‬
         ‫قفزت أخرى تخرج لك لسانها» ص‪.75‬‬
  ‫كما بلور الديوان بد ًءا من عنوانه إحساسها بفاعلية‬  ‫المجتمع بعي ًدا عن ساحات الصراعات الراديكالية أو‬
‫حضورها ومسئوليتها‪ ،‬وأن الإخلاص لبعض الأدوار‬           ‫الحنجرية‪ ،‬فطالما اعتقد ُت ‪-‬على نحو شخصي‪ -‬أن‬
 ‫لا يعني الانسحاب من غيرها بما يتوافق مع الرؤى‬       ‫صراع المرأة ليس حد ًّيا وجذر ًّيا بالشكل الذي يبدو‬
  ‫النسوية التي ترى أهمية أن تكون المرأة في موضع‬        ‫عليه عبر كثير من الكتابات والوسائط الإعلامية‪،‬‬
 ‫الفاعلية قادرة على اتخاذ قراراتها وأن تكون محو ًرا‬
‫لتجاربها الخاصة‪ ،‬وليست مجرد تابع لغيرها‪ ،‬إلا أن‬            ‫أو بالأحرى يصعب حصره في هذا النوع من‬
  ‫الكاتبة عبرت من خلال قصائدها عن امرأة تتمركز‬        ‫النزال الصاخب؛ فالأمور أكثر تعقي ًدا من أن تبدو‬
  ‫في فلكها الخاص دون أن تنسحب من عالمها الكبير‬         ‫على هذا النحو من الوضوح والحدية‪ ،‬ومحاولات‬
                                                     ‫الخلاص والتغيير الهادئة ليست هينة‪ .‬وقد اختارت‬
              ‫وهي خطوة على الطريق مهمة وفاعلة‬
                                                        ‫الشاعرة من خلال قصائدها أن تنتج هذا النوع‬
   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147