Page 148 - m
P. 148

‫العـدد ‪58‬‬        ‫‪146‬‬

                                                   ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

                        ‫عبد العزيز موافي‬               ‫أنها امرأة فحسب‪ ،‬وترفض أن تكون شيئًا من‬
                                                     ‫الأشياء التي َح ْولها كالباب والشجرة والسحابة‪،‬‬
    ‫لكنها لم تضبط الملح في الحساء قبل صعودها»‬      ‫وكأن في ذلك إعلا ًنا لقوة الصوت الأنثوي وخرو ًجا‬
                   ‫(تما ًما كما أفعل الآن‪ ،‬ص‪)43‬‬     ‫عن أي قيود يمكن أن تقمع هذا الصوت أو تتحكم‬
                                                      ‫في طبيعته‪ ،‬لذلك لم تعد الذات الأنثوية في حاجة‬
                 ‫(‪)7‬‬                               ‫لأن تتوارى خلف الأشياء وتتماهى معها لتعبر عن‬

    ‫حاول ُت ‪-‬إذن‪ -‬في هذه القراءة الوقوف عند أهم‬                                 ‫نفسها أو شعورها‪.‬‬
     ‫الأبعاد التي شكلت الرؤية الأنثوية فيما قدمته‬                           ‫«أنا امرأة بسبعة أرواح‬
‫سناء مصطفى في ثنايا هذا الديوان‪ ،‬واستنباط مدى‬                  ‫وقلب مليء بالثقوب التي صنعتها يدك‬
 ‫التحول الذي طرأ على الذات ومن ثم أدى إلى تغير‬
 ‫واضح في الرؤية الأنثوية‪ ،‬كما تبين لدينا كيف أن‬                                   ‫كلما خنقت رو ًحا‬
‫قصيدة النثر قد أعطت فرصة كبيرة لشاعراتها كي‬                           ‫قفزت أخرى ُتخ ِر ُج لك لسانها‬
‫يعبرن عن كينونتهن دون أي قيود أو عوائق شكلية‬                          ‫بينما تتسرب أنت قطرة قطرة‬
   ‫أو مضمونية تحد من التعبير الحر عن تجاربهن‬
                                                                                  ‫دونما أثر وراءك‬
      ‫وإعلان رؤاهن المختلفة للعالم بصوت أنثوي‬         ‫تستدل به يو ًما للرجوع»‪( .‬تما ًما كما أفعل الآن‪،‬‬

                             ‫الهوامش‪:‬‬                                                     ‫ص‪)75‬‬

‫‪ -‬صلاح فضل‪ :‬قراءة الصورة وصور القراءة‪ ،‬دار‬                      ‫(‪)6‬‬
          ‫الشروق‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،1997 ،‬ص‪.109‬‬
                                                   ‫اعتمدت سناء مصطفى في تشكيل العديد من قصائد‬
‫‪ -2‬عبد العزيز موافي‪ :‬دراسات وقضايا في قصيدة‬            ‫الديوان على «تعددية» ظهرت من خلال حضور‬
 ‫النثر العربية (تحولات النظرة وبلاغة الانفصال)‪،‬‬
                                                     ‫عدد من الشخصيات المختلفة‪ ،‬ومن ثم برز خلال‬
    ‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪،2005 ،‬‬    ‫هذا التعدد تنوع في أشكال القيود التي ا ُّت ِخذت ضد‬
                                ‫ص‪.225 ،224‬‬
                                                     ‫صوت المرأة وحاولت فرض هيمنة الآخر ‪-‬الممثل‬
                                                        ‫في شخصيات متعددة ظهرت في الديوان‪ ،‬منها‬

                                                    ‫الأب والأم والزوج والأخ‪ ..‬إلخ‪ ،-‬مما أكد ضرورة‬
                                                    ‫الحاجة إلى التخلص من هيمنة هذا الآخر والخروج‬

                                                                                 ‫عن حدود سلطته‪.‬‬
                                                       ‫ويتبين هذا التعدد في عدد من المواضع المختلفة‬
                                                        ‫في الديوان‪ ،‬وقد شكلته الشاعرة بعبارات تأتي‬
                                                    ‫منفصلة عن «الأنا»‪ ،‬حيث ينقلها الراوي إلى المتلقي‬
                                                        ‫على لسان أصحابها‪ ،‬وكان لاستخدام علامات‬
                                                    ‫الترقيم دور في تشكل هذا الفصل بين الشخصيات‬
                                                   ‫في القصيدة الواحدة‪ ،‬كما أن حضور «الالتفات» عن‬
                                                    ‫طريق التنقل بين الضمائر من الغائب إلى المخاطب‬
                                                      ‫‪-‬على سبيل المثال‪ -‬قد أسهم في خلق هذا التعدد‪.‬‬

                                                                                       ‫أمي تذمرت‪:‬‬
                                                                ‫«لو لم ترتدي هذا البنطال الضيق!»‪..‬‬

                                                                            ‫زوجي لم يوافقها الرأي‪:‬‬
                                                                                  ‫«لا بأس بالبنطال‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153