Page 263 - m
P. 263

‫الملف الثقـافي ‪2 6 1‬‬

   ‫رجال دين‪ ،‬ومقربون من‬              ‫التاريخية العربية‪ ،‬كما‬           ‫الذين جعلوا من المحور‬
‫القصور‪ ،‬وموظفون سامون‪،‬‬            ‫قارنوا المعطيات التاريخية‬         ‫الديني أسا ًسا لدراساتهم‪،‬‬
 ‫وكذا تلك الدراسات اللاحقة‬     ‫العربية والإسبانية‪ ،‬وحاولوا‬
                                                                      ‫فالعقيدة كانت أكثر من‬
    ‫والمهمة‪ ،‬والتي أبانت عن‬         ‫مد جسور تاريخية بين‬               ‫ضرورية لأنه ليس من‬
 ‫عدة مدارس‪ ،‬اختلفت لديهم‬       ‫الطرفين‪ ،‬كما اهتموا بدراسة‬           ‫السهل أن يتخلى المسلمون‬
  ‫الرؤية‪ ،‬المنهجية والأسلوب‬                                             ‫عن فردوس الأندلس‪،‬‬
                                 ‫المضمون العربي القوي في‬          ‫وبالتالي فالتركيز على الروح‬
   ‫واختلاف المادة التاريخية‬       ‫اللغة الإسبانية‪ ،‬بالإضافة‬          ‫الصليبية مهم‪ ،‬فهي التي‬
     ‫التي اعتمدوا عليها‪ ،‬هذا‬      ‫إلى ذلك عملوا على تحقيق‬         ‫تقود الجيش للانتصار‪ ،‬كما‬
                                                                  ‫ستوصله إلى شمال أفريقيا‪،‬‬
   ‫الاهتمام بالمصدر الغربي‪،‬‬           ‫مخطوطات على جميع‬              ‫هذه المحطة المهمة من بين‬
  ‫والإسباني بالدرجة الأولى‪،‬‬    ‫المستويات‪ ،‬من الأكاديمية إلى‬         ‫المحطات على الطريق التي‬
  ‫يجعلنا نقف على مضمونها‬       ‫الشعبية‪ ،‬هذا كله ولَّد اهتما ًما‬   ‫تنتهي بالوصول إلى الأرض‬
  ‫الذي سيفتح مجا ًل واسعا‬                                        ‫المقدسة‪ ،‬ومن ثم خدمة الراية‬
 ‫للأكاديميين‪ ،‬بد ًءا بالترجمة‬   ‫عا ًما بتاريخ الأندلس‪ ،‬فكان‬      ‫المسيحية التي ستعرف مزي ًدا‬
  ‫ثم الدراسة والتحليل‪ ،‬ومن‬      ‫هناك تقبل واسع للمعطيات‬             ‫من الانتشار وهو ما يجب‬
 ‫تم يمكن أن تظهر لنا حقائق‬                                        ‫لمواجهة المسلمين‪ .‬في المقابل‬
   ‫تاريخية جديدة تساهم في‬           ‫التاريخية ذات الأصول‬           ‫ظهرت مدرسة المستعربين‬
                                     ‫الإسلامية والعربية في‬       ‫الإسبان‪ ،‬والتي اصطلح عليها‬
    ‫بلورة كتاباتنا التاريخية‬   ‫إسبانيا‪ ،‬ومن ثم القضاء على‬        ‫بمدرسة بني كوديرا‪ ،‬اهتمت‬
  ‫حول الأندلس‪ .‬إن الاطلاع‬      ‫هاجس الخوف حول المفهوم‬                ‫هذه المدرسة التي نسبت‬
  ‫على هذه الكتب سيفسر لنا‬       ‫الطبيعي التاريخي لإسبانيا‬             ‫للمستعرب فرانسيسكو‬
                                    ‫المسلمة‪ .‬كما وقفت هذه‬              ‫كوديرا ‪،1917 -1836‬‬
    ‫كيف تطورت الحسابات‬           ‫المدرسة على مآثر الأندلس‬             ‫بدراسة تاريخ الأندلس‬
‫السياسية في الأندلس بتطور‬        ‫الحضارية ودورها في بناء‬                ‫وارتباطاته الإسبانية‪،‬‬
                               ‫حضارة الغرب‪ ،‬وبالتالي كان‬            ‫وحاولت خلق ارتباط بين‬
     ‫الأوضاع العامة بمنطقة‬       ‫الخروج الموفق من مضيق‬            ‫المكون الإسباني في الأندلس‬
 ‫البحر المتوسط‪ ،‬وكيف أثرت‬          ‫انتصار الكاثوليك وطرد‬            ‫والمكون الأندلسي العربي‬
                                                                 ‫في إسبانيا‪ .‬عمل المستعربون‬
    ‫العوامل الاستراتيجية في‬            ‫المسلمين الغاصبين‪.‬‬         ‫الإسبان على طرق ومصادر‬
  ‫تسارع الأحداث بالأندلس‪،‬‬             ‫واخي ًرا أقرت المدرسة‬          ‫جديدة وعلى رأسها المادة‬
                                   ‫الجديدة بأهمية المصادر‬
   ‫ونحن كمؤرخين مهتمين‬               ‫العربية‪ ،‬كما نقر نحن‬
      ‫سنجتهد بالتعاون على‬              ‫بالمصادر الإسبانية‪،‬‬
                                      ‫خاصة تلك الحوليات‬
   ‫أن تكون لنا مدرسة تعتد‬        ‫والكرونولجيات التي كتبها‬
‫بترجمة‪ ،‬ودراسة وتحليل كل‬

  ‫ما ذكر من تاريخنا بلسان‬
                    ‫إسباني‬
   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268