Page 264 - m
P. 264

‫العـدد ‪58‬‬                                                                 ‫‪262‬‬

                                      ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬                                                           ‫د‪.‬تقي الدين‬
                                                                                                            ‫بوكعبر‬
 ‫خاصة كتابه “القول الأحوط”‪،‬‬                   ‫مدخل‪:‬‬                        ‫التراث الجزائري من منظور استشراقي‬
 ‫محاولين الإجابة على جملة من‬                                                   ‫غايتان دلفان أنموذجً ا‬       ‫(الجزائر)‬
 ‫التساؤلات وهي من هو غيتان‬             ‫عرفت الجزائر خلال الفترة‬

    ‫دالفان ولما ُه ِمشت كتاباته؟‬        ‫الممتدة من ‪ 1870 -1830‬من‬
     ‫ما هي أهمية مؤلفه القول‬            ‫عمر الاحتلال الفرنسي بروز‬
  ‫الأحوط في فهم تطور الحركة‬            ‫ظاهرة الاهتمام باللغة العربية‪،‬‬
  ‫الاستعمارية بالجزائر؟ وكيف‬          ‫لارتباطها بعملية توسيع النفوذ‬
    ‫استطاع أن يخوض في بحر‬               ‫والاحتلال الفرنسي بالمنطقة‪،‬‬
‫تراثنا العربي الإسلامي العميق؟‬        ‫واستمر ت في التطور بعد ‪1870‬‬
    ‫وإلى أي مدى يمكن الوثوق‬
   ‫بكتاباته من حيث مضمونها‪،‬‬               ‫وقيام الجمهورية الفرنسية‬
    ‫ومن حيث التفاعل الحاصل‬                ‫الثالثة خاصة ما بين ‪1880‬‬
     ‫بين الجزائريين والمحتلين‬             ‫إلى ‪ ،1914‬بهدف خلق نوع‬
                                         ‫من الاشتراك بين الفرنسيين‬
                 ‫الفرنسيين؟‬            ‫والمسلمين الجزائريين من أجل‬
  ‫ليون أوغيست غايتان دلفان‬            ‫تطوير المستعمرة حسب زعمهم‪،‬‬
   ‫(‪DELPHIN )1919 /1875‬‬                    ‫وإن كان الغرض الأساس‬

    ‫‪،Léon Auguste Gaétan‬‬                     ‫تسهيل عملية الاحتلال‪.‬‬
    ‫التحق دالفان بالجزائر سنة‬                 ‫ومن أبرز المستشرقين‬
    ‫‪ ،1876‬حيث اشتغل حسب‬                  ‫الفرنسيين التي سطع نجمها‬
 ‫وثيقة أرشيفية مدي ًرا للتأمينات‬      ‫خلال هذه الفترة ‪1919 -1870‬‬
   ‫بالجيش الفرنسي الفرقة ‪61‬‬              ‫شخصية غايتان دالفان‪ ،‬هذا‬
  ‫بمدينة الجزائر ‪Directeur d‬‬           ‫الرجل الذي استطاع بإمكانياته‬
   ‫‪ ،assurances‬ثم توقف عن‬               ‫الذاتية أن يكون نفسه تكوينًا‬
 ‫الخدمة من يوم ‪ 6‬جوان ‪1881‬‬             ‫علميًّا متينًا ويتقن اللغة العربية‬
‫إلى ‪ 22‬أوت ‪( 1898‬إعلامية يوم‬               ‫ويصبح من أهم الدارسين‬
   ‫‪ 15‬ماي ‪ ،)1898‬ليتم إعفاؤه‬          ‫والمتخصصين في التراث العربي‬
‫وتسريحه بشكل نهائي من هذا‬                  ‫الإسلامي‪ ،‬فترك لنا عديد‬
   ‫المنصب يوم ‪ 10‬أوت ‪.1900‬‬               ‫المؤلفات التي تعكس لنا مدى‬
 ‫يشير تلميذه وليام مارسي ‪W‬‬              ‫حرص هذا الرجل على تبسيط‬
  ‫‪ Marcais‬إلى أنه منذ وصوله‬                 ‫الثقافة العربية الإسلامية‬
    ‫لمدينة الجزائر أبدى دالفان‬            ‫وجعلها متاحة للفرنسيين‪.‬‬
    ‫اهتما ًما بال ًغا باللغة العربية‬      ‫رغم أهمية كتاباته ومقالاته‬
     ‫والثقافة المحلية‪ ،‬مما جعله‬            ‫وإسهاماته‪ ،‬لكن تبقي هذه‬
 ‫يخالط المسلمين مدة ‪ 30‬سنة‪،‬‬                   ‫الشخصية مغيبة اليوم‬
  ‫حيث بدأ في تعلم اللغة العربية‬              ‫في الدراسات التاريخية‬
     ‫لوحده‪ ،‬التي تعلمها بشكل‬              ‫والأكاديمية‪ ،‬فمن خلال هذا‬
  ‫سريع ما أهله لكي ُيدرسها(‪.)1‬‬          ‫العمل سنحاول تسليط الضوء‬
  ‫و يشير السيد ألان مسعودي‬            ‫على مسار هذا الرجل‪ ،‬والتعريف‬
  ‫‪ Alain Messaoudi‬أنه شغل‬              ‫بأهم أعماله الأدبية والتاريخية‬
   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269