Page 298 - m
P. 298

‫ينقل نصية الرواية بمسرودية من‬                                ‫العـدد ‪58‬‬                           ‫‪296‬‬
  ‫فصل إلى آخر معتم ًدا على مشاهد‬
  ‫السيناريو الذي ُيعد مبدع الرواية‬                                           ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬      ‫لن يدفع بها أحد بعد اليوم‪ ،‬لن‬
                                                                                            ‫تظل دودة حبيسة داخل شرنقة‪،‬‬
               ‫واح ًدا من مبدعيه‪.‬‬    ‫وتشارك الشعب غضبته» ص‪،144‬‬                             ‫ستتحكم هي في مسار حياتها مثل‬
   ‫‪ -3‬نضج الوعي بأهمية الإبداع‬        ‫مما يؤدي إلى اعتقالها فتستعرض‬                       ‫إله البحر الذي سكنت إلى جواره في‬
  ‫في التحريك والتحريض والتنوير‬
   ‫من خلال كشف سلبيات الواقع‬              ‫تاريخ حياتها من طفولتها إلى‬                                       ‫روما» ص‪.99‬‬
   ‫المعاش‪ ،‬ورفع الأغطية عن فساد‬           ‫صباها ثم مرحلة التمرد التي‬                         ‫«وتتجه إلى مدير المعرض وتعلن‬
                                     ‫أجهضت بزواجها المبكر والذي تلته‬                       ‫اعتذارها وسحب عرضها‪ ،‬خرجت‬
       ‫الحكم والحاكمين وتعريتهم‬       ‫سنوات المعاناة النفسية والعاطفية‬                      ‫بعدها إلى الشارع‪ ،‬كان قد نما لها‬
   ‫أمام الناس‪ ،‬مما يشير إلى نضج‬       ‫ثم ثورتها الأخيرة على تلك الحياة‬                      ‫جناحان رائعان تزينهما ألوان لم‬
 ‫الحركات الجماهيرية الثورية التي‬      ‫التي ُفرضت عليها فر ًضا ص‪.48‬‬
   ‫نجحت بفضل الإبداع والمبدعين‬         ‫وتتفاقم الأمور بين وزير الدفاع‬                         ‫تشاهدها من قبل‪ ،‬ظلت تمشي‬
    ‫في كثير من دول العالم‪ ،‬بعد أن‬      ‫ورئيس مجلس الوزراء ويستقيل‬                              ‫بخطا متسارعة كالطائرة التي‬
    ‫مارس المبدع دوره الريادي في‬           ‫ويعتقل ويتهم بالتهم الجاهزة‬                        ‫تستعد للإقلاع‪ ،‬ثم أحست لأول‬
 ‫شحن الوجدان الجمعي‪ ،‬ودفعه إلى‬          ‫ويشتد العصيان المدني‪ ،‬وخلال‬                       ‫مرة في حياتها أنها تطير في الهواء»‬
  ‫الوقوف أمام كل شكل من أشكال‬           ‫ساعات تسقط الحكومة ويسقط‬
   ‫الفساد الاجتماعي والاقتصادي‬       ‫الحزب ويتم الإفراج عنها كما يفرج‬                                            ‫ص‪.100‬‬
    ‫والسياسي‪ ،‬ودفعه إلى التحرك‬         ‫عن أشرف الزيني الذي ذهب إلى‬                          ‫ويرتقي مستوى تحولها درجات‬
                                       ‫اجتماع ائتلاف القوى السياسية‬                        ‫أكبر عندما ترفض العودة إلى بيت‬
      ‫والتخطي والتجاوز فالثورة‪.‬‬          ‫في الوقت الذي حصلت ضحى‬                            ‫زوجها وتطلب الطلاق منه‪ ،‬فراوغ‬
‫وبذلك قدم سلماوي تمهي ًدا لولادة‬        ‫على حريتها من زوجها‪ ،‬ويلتقي‬                         ‫بموافقته لكن بعد الانتخابات ولم‬
                                     ‫الثائران وبلا خوف ولا تردد أطبق‬                      ‫تكت ِف بذلك بل نزلت إلى الشارع مع‬
      ‫رواية حديثة‪ ،‬قادرة على فهم‬       ‫أشرف على شفتي ضحى في قبلة‬                          ‫المتظاهرين مطالبة بتعديل الدستور‬
   ‫الواقع وتسيسه والثورة على كل‬      ‫طويلة طالما انتظرها كل منهما‪ ،‬فقد‬                    ‫من أجل حياة حرة جديدة‪ ،‬وتقبض‬
  ‫ما هو فاسد‪ ،‬تشكل رؤية وثوقية‬        ‫كانت إيذا ًنا بحياة جديدة بدأت في‬                       ‫السلطة على أشرف ويزج به في‬
  ‫العالم وهي تحرق مراحل الخوف‬         ‫تلك اللحظة ليس لأشرف وضحى‬                               ‫السجن ويتهم باتهامات جاهزة‬
                                       ‫وحدهما وإنما للمصريين جمي ًعا‪،‬‬
     ‫والتشاؤم إلى ضفاف التفاؤل‬       ‫فقد وصل قطار الشمس على محطة‬                              ‫وتصرح لأخيها محذرة من رد‬
    ‫من أجل استعادة الثقة بالنفس‬      ‫رمسيس حيث اجتمع أقطاب العمل‬                           ‫فعل زوجها «إن موقفي من مدحت‬
 ‫وتوازنها الذي سيؤدي بالضرورة‬         ‫في مسروده إلى حيث ضوء النهار‬                          ‫هو رد فعل لما أصبحت أشعر به‪،‬‬
                                      ‫الذي أشرق في ميدان التحرير يوم‬
       ‫إلى تحول الثابت إلى متحرك‬                                                             ‫ليس تجاه مدحت‪ ،‬فهو غير مهم‬
   ‫ودفع المتحرك إلى الانتفاضة على‬                    ‫‪ 25‬يناير ‪.2010‬‬                            ‫بالنسبة لي‪ ،‬وإنما تجاه حياتي‬
  ‫مستغليه ومغتصبي حقه في حياة‬          ‫يقدم محمد سلماوي ن ًّصا روائيًّا‬
 ‫حرة كريمة ومستقبل نظيف‪ ،‬وهذا‬          ‫تكمن فيه ثمرة عصارة ثقافية في‬                        ‫كلها‪ ،‬الحياة التي أفتقدها‪ ،‬فأنا لم‬
   ‫ما ابتدعه المؤلف من خلال فعلي‬       ‫السرد والتشكيل والتنويع القائم‬                         ‫تكن لي حياة على الإطلاق‪ ،‬الآن‬
‫الدلالة والتحريض وهما يدفعانه إلى‬                                                             ‫لأول مرة‪ ،‬أشعر بأن لي هوية‪،‬‬
‫التحول والانتقال من الأبراج العالية‬                             ‫على‪:‬‬
    ‫إلى صفوف الثوار ومشاركتهم‬                ‫‪ -1‬مرتكزات أدبية ولغوية‬                        ‫وبأنني أنتمي لشعب ولبلد‪ ،‬ولهذا‬
   ‫المظاهرات والشعارات والتعرض‬            ‫واجتماعية وسياسة وثقافية‪.‬‬                       ‫أرفض مدحت» ص ‪ ،139‬وتعود إلى‬
‫للاعتقال حتى وصل قطار الشمس‬           ‫‪ -2‬تراكم الخبرات الفنية في ذهن‬
                                     ‫المبدع الذي اشتغل على نص روائي‬                         ‫المظاهرات تهتف مع الثائرين ضد‬
         ‫إلى محطة ميدان التحرير‬          ‫تماهى فيه الواقعي مع المؤمل‪،‬‬                       ‫المفسدين‪ ،‬وتخرج الصحف معلنة‬
                                        ‫الواقع المزيف بفساده ومفسديه‬                        ‫أن «زوجة مدحت الصفتي توجه‬
                                      ‫مقابل الوعى الفني والجمالي‪ ،‬وهو‬                       ‫إنذا ًرا للحزب الحاكم‪ ،‬إما الإفراج‬
                                                                                           ‫عن أشرف الزيني أو حمل عواقب‬

                                                                                              ‫الغضب الشعبي‪ ،‬وتحت عنوان‬
                                                                                            ‫آخر‪ :‬ضحى الكناني تلبس الحداد‬
   293   294   295   296   297   298   299   300