Page 296 - m
P. 296

‫بنصيها قائمة على الوعي الذي فتح‬                              ‫العـدد ‪58‬‬                           ‫‪294‬‬
   ‫ذهن ضحى على حقائق عاشتها‬
  ‫بغفلة عنها‪ ،‬حتى التقت بالدكتور‬                                            ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬      ‫وييسر لك أمرك‪ ،‬هل أحضرت‬
  ‫أشرف‪ ،‬السياسي المعارض الذي‬                                                                                      ‫المبلغ؟‬
                                         ‫حيث جمع القصتين في وحدة‬
  ‫فتح عينيها على حقائق غابت عنها‬     ‫الهدف الأساسي من الرواية وهو‬                         ‫قال عبد الصمد على الفور‪ :‬نعم إنه‬
    ‫بفعل زواجها من واحد من أهم‬      ‫مستقبل مصر حيث تصبح «بوتقة‬                            ‫معي‪ ،‬إذن أعطني إياه‪ ،‬فيخرج عبد‬
         ‫رجال الدولة‪ ،‬عن طريق‪:‬‬                                                             ‫الصمد المبلغ ويسلمه للرجل‪ ،‬وفي‬
                                         ‫الوطن هي البؤرة التي يتجمع‬                        ‫الجامع وبعد أن خرج من الموضأ‬
 ‫‪ -1‬الحوار الذي نهض بينها وبين‬       ‫فيها الشعاعان المتوازيان على طول‬                    ‫اختفى الرجل» ص‪ ،121‬فيشعر بعد‬
‫أشرف سواء في الطائرة أو في روما‬     ‫الرواية‪ ،‬وتلتقي فيها أخي ًرا المصائر‬                 ‫فوات الأوان أنه وقع في فخ عصابة‬
‫وحتى بعد عودتهما واعتقالهما وهو‬     ‫وهي تمضي نحو شمس المستقبل»‪.‬‬
 ‫حوار عقلاني كاشف وفاضح لكل‬                                                                  ‫تبيع الأوهام للشباب العاطلين‪،‬‬
                                       ‫قامت الرواية على قوائم سردية‬                         ‫فتزيد من ضياعهم وتدفعهم إلى‬
  ‫ممارسات النظام الفاسد‪ ،‬الحوار‬         ‫اثنين وثلاثين فص ًل‪ ،‬حمل كل‬
‫على المستوى السياسي والفكري في‬         ‫فصل عنوا ًنا خا ًّصا ببطلة وعلى‬                        ‫الانحراف كما حصل معه «في‬
                                        ‫مستوى القصتين حيث شغلت‬                           ‫منتصف الكوبري وبعد أن نزل عبد‬
  ‫قمة تألقه الذي لم يفتح مسامات‬       ‫قصة ضحى وتحولاتها الفصول‬                           ‫الصمد من منزل الشاذ عصمت بك‬
‫عقل ضحى فقط إنما حرك ما سكن‬              ‫(‪،16 ،15 ،13 ،11 ،8 ،5 ،3 ،1‬‬
‫في قلبها خلال زواج قسري لم تجد‬       ‫‪ ،)31 ،28 ،26 ،24 ،21 ،18‬بينما‬                        ‫وفي جيبه مئة جنيه فقط‪ ،‬نظر إلى‬
                                       ‫تمددت قصة الشابين المكافحين‬                       ‫الماء وتذكر المشهد الختامي في فيلم‬
   ‫فيه الحب أو المتعة التي تنشدها‬                                                          ‫بداية ونهاية‪ ،‬ففي مثل هذا الموقع‬
  ‫مع زوج كامل الرجولة وليس مع‬             ‫من أجل تحقيق أهدافهما على‬
‫نصف رجل مصاب بسرعة القذف‪.‬‬               ‫مساحة الفصول (‪،7 ،6 ،4 ،2‬‬                             ‫وقفت نفيسة بطلة الفيلم التي‬
   ‫‪ -2‬دور الفراشة في تحريك ذلك‬          ‫‪،23 ،20 ،19 ،17 ،14 ،12 ،10‬‬                        ‫احترفت الرذيلة وقد بدت حياتها‬
   ‫الوعي بعد أن عرف من مصممة‬        ‫‪ ،)27 ،25‬الفصل (‪ )30‬كان معنيًّا‬                       ‫بلا معنى وبلا قيمة فألقت بنفسها‬
                                      ‫بما دار بين وزير الدفاع ورئيس‬                       ‫في النيل‪ ،‬كانت معذورة نفيسة فقد‬
      ‫الأزياء ضحى أن ما تصممه‬          ‫الوزراء والوزراء وأمين الحزب‬                       ‫كانت تحتاج إلى المال لتربية أخيها‬
     ‫لا يحمل شيئًا من هوية مصر‬        ‫وخلافه معهم وإصراره على عدم‬                            ‫الضابط وتلبية احتياجاته‪ ،‬وهو‬
    ‫«الحقيقة أنني سأقدم هذه المرة‬     ‫إنزال الجيش إلى الشارع لمجابهة‬
   ‫مجموعة جديدة من التصميمات‬              ‫المتظاهرين فقدم استقالته ثم‬                           ‫أي ًضا يحتاج المال» ص‪.171‬‬
  ‫أهم ما يميزها أنها مستوحاة من‬       ‫اعتقل‪ .‬والفصل الأخير ‪ ،32‬جمع‬                       ‫ويبقى السؤال مبا ًحا‪ :‬ما الهدف من‬
   ‫الفراشة‪ ،‬فبعض الفساتين تتدلى‬      ‫المسارين القصصين في حب مصر‬
  ‫أكمامها كالأجنحة والبعض الآخر‬       ‫ومستقبلها‪ ،‬وهذا ما جعل الرواية‬                       ‫جمع قصتين متنافرتين في رواية‬
  ‫لها ذيول تتهاوى خلف الفستان‪..‬‬                                                          ‫واحدة‪ ،‬ما العوامل المشتركة بينهما‬
  ‫إن الفراشة بالنسبة لي رمز لميلاد‬                                                       ‫وكل منهما تسير في مسرود خاص‬
 ‫حياة جديدة» ص‪ ،54‬إلا أن المعنى‬                                                          ‫به؟ لا شك أن حكاية الشابين قدمت‬
    ‫الدلالي للفراشة يتعمق في ذهن‬
 ‫ضحى في الفصل التاسع‪ .‬ص‪-62‬‬                                                                   ‫دع ًما للقصة الأولى القائمة على‬
                                                                                         ‫كشف ضياع الشباب العاطلين‪ ،‬مما‬
                      ‫‪ ،67‬حيث‪:‬‬                                                            ‫يجعلهم عرضة للوقوع في أول فخ‬
‫‪ -1‬تذكرت قول أشرف بأن أزياءها‬                                                            ‫يرون فيه خيط أمل وإن كان سرا ًبا‬
                                                                                          ‫أو داف ًعا للانحراف‪ ،‬وهذا ما يجعل‬
          ‫يجب أن تكون مصرية‪.‬‬                                                             ‫الجزء الخاص بالأسرة المفككة ومن‬
     ‫‪ -2‬اطلاعها على كتاب عنوانه‬
  ‫(فراشات مصر) الذي فتح آفاقها‬                                                              ‫خلال معاناة الشابين ذات أهمية‬
‫على معارف جديدة جعلتها تدرك أن‬                                                             ‫لدعم النص الأصلي‪ ،‬وناب عنه في‬
  ‫«الفنان المصري المجهول ترك لنا‬
                                                                                             ‫فضح واقع الحياة التي عاشها‬
                                                                                         ‫الشباب في ظل الفساد والمحسوبية‪،‬‬

                                                                                              ‫ولعل اللعبة الذكية التي لعبها‬
                                                                                              ‫المؤلف‪ ،‬كانت في نهاية الرواية‬
   291   292   293   294   295   296   297   298   299   300