Page 6 - m
P. 6

‫العـدد ‪58‬‬                                      ‫‪4‬‬

                                            ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

       ‫بداي ًة؛ أنا لا أتفهم الدفع –فيما‬    ‫افتتاحية‬
   ‫يتعلق بالمرويات الدينية‪ -‬بأن هذه‬
   ‫رواية شاذة أو ضعيفة أو موضوعة‪..‬‬          ‫سمير درويش‬

      ‫لعدة أسباب‪ :‬أنه ليس لدينا بعد‬         ‫رئيس التحرير‬
    ‫‪ 1400‬عام من نزول الإسلام قائمة‬
  ‫محكمة بالصحيح والمعطوب يمكن‬               ‫بين التوقيف‬
 ‫أن ُيحا َّج بها أحدنا الآخرين‪ ،‬وأن من‬      ‫والاجتهاد‪..‬‬
‫يباهون الناس بأنهم (علماء) و(أولياء‬
  ‫أمر) المسلمين‪ ،‬لم يعملوا عن تنقيح‬         ‫عن الناسخ والمنسوخ‪،‬‬
    ‫المرويات وتخليصها مما يعتقدون‬           ‫وجمع القرآن‪ ،‬وترتيبه‬
    ‫أنه موضوع أو معطوب‪ ،‬بل الأنكى‬
   ‫أنهم ‪-‬هم أنفسهم‪ -‬يختلفون حول‬
    ‫مدى صحة الروايات ويعتقدون أن‬
 ‫هذا (الاختلاف) رحمة‪ ،‬في حين أنهم‬
 ‫(لا يرحمون) من يعتنق أحدها مما لا‬

                          ‫يوافق هواهم‪.‬‬

‫أصابع البشر لو ص َّدقنا الحديث الذي يقول‬    ‫إن وجود رواية واحدة معطوبة في كتاب‬
    ‫إن جبري ًل كان يراجع التنزيل مع النبي‬
      ‫محمد كل رمضان من كل عام‪ ،‬وحيث‬         ‫ضخم –مهما كان اسمه ومهما كانت درجة‬
   ‫إن إغلاق النص يقتضي أن ُير َّتب بطريقة‬       ‫تقديسه‪ -‬لدليل على فساد المنطق الذي‬

 ‫منضبطة تضمن توصيل رسالته على الوجه‬         ‫أنتج هذه الرواية وباقي الروايات‪ ،‬وبالتالي‬
   ‫الأكمل‪ ،‬سواء ترتيب السور في القرآن أو‬     ‫لا يمكن الركون إلى هذه الكتب‪ ..‬والسبب‬
     ‫ترتيب الآيات داخل كل سورة‪ ،‬فسوف‬          ‫الأهم أن كثيرين يؤمنون بتلك الروايات‬
    ‫نتوقف –قلي ًل‪ -‬هنا أمام مسألة الترتيب‪،‬‬      ‫إيما ًنا مطل ًقا‪ ،‬بل ويرفعون بعضها إلى‬
       ‫من داخل السردية الإسلامية نفسها‬          ‫مرتبة (المعلوم من الدين بالضرورة)‪،‬‬
                             ‫ونصوصها‪.‬‬                         ‫ويسجنون من ينكرها‪.‬‬

‫الشائع بين من يطلقون عليهم (الجمهور) أن‬              ‫ترتيب السور‬
‫ترتيب الآيات داخل السور توقيفي‪ ،‬أي بأمر‬
‫من النبي‪ ،‬بينما ترتيب السور نفسها اجتهاد‬      ‫ما زلت أتناول موضوع القرآن باعتباره‬
‫من الصحابة‪ ،‬ويدللون على (توقيف مواضع‬           ‫ن ًّصا مغل ًقا أم ن ًّصا مفتو ًحا‪ ،‬على أساس‬
                                              ‫أن كتا ًبا كتبه الله لا يجب أن تتدخل فيه‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11