Page 11 - m
P. 11

‫افتتاحية ‪9‬‬

‫النبي‪“ ،‬أن رسول الله نهى عن الحجامة‬                                          ‫باد ًيا بين كثير من الأحاديث‪ ،‬مثال ذلك‬
                                                                           ‫في الموطأ والسنن حديث الصحابية بسرة‬
‫والمواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه‪.‬‬                                     ‫بنت صفوان‪“ :‬من م َّس َذ َك َر ُه فلا يصلي‬
                                                                         ‫حتى يتوضأ”‪ .‬صحيح على شرط البخاري‪،‬‬
‫فقيل له‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إنك تواصل إلى‬                                      ‫وصححه الترمذي والدارقطني وابن معين‬
                                                                           ‫والبيهقي والحازمي وابن حبان والحاكم‪،‬‬
‫السحر‪ ،‬فقال‪ :‬إني أواصل إلى السحر‪ ،‬وربي‬
                                                                             ‫وع َّده السيوطي من الأحاديث المتواترة‪.‬‬
‫يطعمني ويسقيني”‪( .‬المواصلة هي مواصلة‬                                    ‫وأخرج ابن حبان في صحيحه (‪ :)401|3‬عن‬
                                                                        ‫أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله‪“ :‬إذا أفضى‬
                       ‫صيام الليل بصيام النهار)‪.‬‬
                                                                            ‫أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر‬
‫بينما في صحيح البخاري‪ -‬كتاب الصوم‬                                       ‫ولا حجاب‪ ،‬فليتوضأ”‪ ،‬وعن أم حبيبة قالت‪:‬‬

‫باب الحجامة والقيء للصائم (‪ :)1938‬عن‬                                       ‫سمعت رسول الله يقول‪“ :‬من م َّس فرجه‬
                                                                                ‫فليتوضأ”‪ ،‬رواه ابن ماجه والأثرم‪.‬‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما‪“ :‬أن النبي صلى‬
                                                                         ‫بينما نجد عكس ذلك الحكم في حديث آخر‪:‬‬
‫الله عليه وسلم احتجم وهو محرم‪ ،‬واحتجم‬                                       ‫ففي صحيح النسائي‪ ،‬الصفحة أو الرقم‬
                                                                           ‫(‪ )165‬عن طلق بن علي الحنفي‪“ :‬خرجنا‬
                       ‫وهو صائم”‪.‬‬                                           ‫وف ًدا حتى قدمنا على رسول الله فبايعناه‬

‫وهناك أمثلة أخرى كثيرة يضيق المجال‬                                        ‫وصلينا معه‪ ،‬فلما قضى الصلاة جاء رجل‬
                                                                           ‫كأنه بدوي فقال يا رسول الله ما ترى في‬
‫عنها‪ ،‬وليس في هدف هذه الكتابة حصرها‪،‬‬                                      ‫رجل مس ذكره في الصلاة؟ قال‪ :‬وهل هو‬
                                                                           ‫إلا مضغة منك أو بضعة منك؟»‪ .‬صححه‬
            ‫وإنما الإتيان بأمثلة منها فقط‪.‬‬                                  ‫الألباني‪ .‬وفي مجمع الزوائد للعيثمي‪ ،‬ج‪1‬‬
                                                                        ‫ص‪( 244‬باب فيمن م َّس فرجه)‪“ :‬عن سيف‬
‫‪ -3‬التضاد بين القرآن والأحاديث‪:‬‬                                         ‫بن عبد الله الحميري‪ ،‬قال‪ :‬دخلت أنا ورجال‬
                                                                         ‫معي على عائشة فسألناها عن الرجل يمسح‬
‫غالبية ال ُّش َّراح في الخطاب الديني الإسلامي‬                             ‫فرجه‪ ،‬فقالت‪ :‬سمعت رسول الله يقول‪ :‬ما‬
‫يعتقدون بقداسة الأحاديث النبوية كونها‬                                   ‫أبالي إياه مسست أو أنفي‪ .‬رواه أبو يعلى من‬
                                                                          ‫رواية رجل من أهل اليمامة عن حسين بن‬
‫وحيًا‪ ،‬استنا ًدا إلى قول الله تعالى «وما ينطق‬
‫عن الهوى‪ ،‬إن هو وحي يوحي» (النجم‪:‬‬                                                        ‫دفاع عن أبيه عن سيف”‪.‬‬
                                                                              ‫مثال آخر على التعارض بين الأحاديث‬
‫‪ 3‬و‪ ،)4‬وقوله «وما آتاكم الرسول فخذوه‬                                        ‫في موضوع الحجامة‪ ،‬ورد في سنن أبي‬
                                                                         ‫داود‪ -‬كتاب الصوم باب في الصائم يحتجم‬
‫وما نهاكم عنه فانتهوا” (الحشر‪ ،)7 :‬رغم‬                                     ‫(‪“ :)2369‬عن شداد بن أوس‪ ،‬أن رسول‬
                                                                        ‫الله أتى على رجل بالبقيع‪ ،‬وهو يحتجم‪ ،‬وهو‬
‫أن الآيات لا تخص الأحاديث‪ ،‬لكن هذا ليس‬                                    ‫آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان‪،‬‬
                                                                             ‫فقال‪( :‬أفطر الحاجم والمحجوم)”‪ .‬وفي‬
                       ‫موضوع بحثنا‪.‬‬                                       ‫سنن أبي داود أي ًضا‪ ،‬كتاب الصوم باب في‬
                                                                        ‫الرخصة في ذلك (‪“ :)2374‬عن عبد الرحمن‬
‫تقديس الأحاديث جعل بعض الشيوخ‬                                                ‫بن أبي ليلى‪ ،‬حدثني رجل‪ ،‬من أصحاب‬

‫يقولون إن الحديث ينسخ القرآن حسب‬

‫زمن النزول‪ ،‬ففي تفسير القرطبي لآية «ما‬
 ‫ِب َخي ٍر من َها َأو‬  ‫م ْن آ َي ٍة أ ْو ُنن ِس َها َنأ ِت‬
‫“و ُح َّذاق الأئمة‬     ‫(البقرة‪ )106 :‬يقول‪:‬‬                  ‫نن َس ْخ‬
                                                            ‫ِمثلِ َها”‬
‫على أن القرآن ُينسخ بالسنة‪ ،‬وذلك موجود‬
‫في قوله عليه السلام‪ :‬لا وصية لوارث‪ .‬وهو‬

‫ظاهر مسائل مالك‪ .‬وأ َبى ذلك الشافعي وأبو‬
 ‫الفرج المالكي‪ ،‬والأول أصح‪ ،‬بدليل أن الك َّل‬
‫حك ُم الله تعالى ومن عن ِد ِه وإن اختلفت في‬
‫الأسماء‪ .‬وأي ًضا فإن الجلد ساقط في حد‬
‫الزنى عن الثيب الذي يرجم‪ ،‬ولا مسقط لذلك‬

‫إلا السنة»‪ ،‬فعل النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

                       ‫هذا بيِّ ٌن‪.‬‬
‫وال ُح َّذاق أي ًضا على أن السنة ُتنسخ بالقرآن‬
‫وذلك موجود في القبلة‪ ،‬فإن الصلاة إلى‬
   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16