Page 15 - m
P. 15

‫افتتاحية ‪1 3‬‬

  ‫عند فلان ومات في اليمامة‪ ،‬والقصة واردة‬             ‫الخدري «أن رسول الله جلس على المنبر‬
‫بالتفصيل في صحيح البخاري‪ -‬سورة براءة‬                ‫فقال‪ :‬إن عب ًدا خيَّره الله بين أن يؤتيه من‬
                                                    ‫زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار‬
    ‫باب قوله لقد جاءكم رسول من أنفسكم‬            ‫ما عنده‪ ،‬فبكى أبو بكر وقال‪ :‬فديناك بآبائنا‬
     ‫(‪ :)4679‬عن‌الزهري قال‪ :‬أخبرني‌ابن‬
‫السباق “أن زيد بن ثابت الأنصاري ‪-‬رضي‬                                            ‫وأمهاتنا”‪.‬‬
    ‫الله عنه‪ ،-‬وكان ممن يكتب الوحي‪ ،‬قال‪:‬‬           ‫غير أن رواية الجمع نفسها‪ ،‬كما وردت في‬
  ‫أرسل إل َّي أبو بكر ]بعد[ مقتل أهل اليمامة‪،‬‬    ‫السرديات الإسلامية‪ ،‬تقول –صراحة ودون‬
    ‫وعنده عمر‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬إن عمر أتاني‬        ‫مواربة‪ -‬إن النبي حين توفي لم يجمع القرآن‬
    ‫فقال‪ :‬إن القتل قد استحر يوم اليمامة‬           ‫ولم يأمر بجمعه‪ ،‬وهو ما جعل أبا بكر حين‬
     ‫بالناس‪ ،‬وإني أخشى أن يستحر القتل‬            ‫تولى الخلافة يتردد في جمعه أو ًل حتى أقنعه‬
 ‫بال ُق َّراء في المواطن‪ ،‬فيذهب كثير من القرآن‪،‬‬   ‫عمر بن الخطاب أنها سنة حسنة‪ .‬فكيف تم‬
‫إ َّل أن تجمعوه‪ ،‬وإني لأرى أن تجمع القرآن‪،‬‬
 ‫قال أبو بكر‪ :‬قلت لعمر‪ :‬كيف أفعل شيئًا لم‬                                   ‫الجمع؟ ولماذا؟‬
 ‫يفعله رسول الله؟ فقال عمر‪ :‬هو والله خير‪،‬‬                                    ‫الجمع الأول‪:‬‬
  ‫فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله‬             ‫السردية الإسلامية تقول إن الجمع تم على‬
   ‫لذلك صدري‪ ،‬ورأيت الذي رأى عمر‪ ،‬قال‬                ‫مرحلتين‪ :‬الأولى في عهد أبي بكر (ربيع‬
   ‫زيد بن ثابت‪ :‬وعمر عنده جالس لا يتكلم‪،‬‬          ‫أول ‪ -11‬جمادى الأولى ‪13‬هـ) أثناء حروب‬
     ‫فقال أبو بكر‪ :‬إنك رج ٌل شا ٌّب عاقل ولا‬        ‫الزكاة‪ ،‬بعد وفاة النبي بعام تقريبًا‪ ،‬حين‬
‫نتهمك‪ ،‬كنت تكتب الوحي لرسول الله فتت َّبع‬             ‫سأل عمر بن الخطاب عن آية فقيل إنها‬

                         ‫القرآن فاجمعه‪.‬‬
 ‫فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان‬

    ‫أثقل عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن‪.‬‬
    ‫قلت‪ :‬كيف تفعلان شيئًا لم يفع ْل ُه النبي؟‬
‫فقال أبو بكر‪ :‬هو والله خير‪ ،‬فلم أزل أراجعه‬
  ‫حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له‬
‫صدر أبي بكر وعمر‪ ،‬فقمت‪ :‬فتتبعت القرآن‬
    ‫أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب‪،‬‬
   ‫وصدور الرجال‪ ،‬حتى وجدت من سورة‬
‫التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما‬

      ‫مع أحد غيره‪{ :‬لقد جاءكم رسول من‬
  ‫أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم}‬

                            ‫إلى آخرهما”‪.‬‬
 ‫وكانت الصحف التي ُج ِمع فيها القرآن عند‬
  ‫أبي بكر حتى توفاه الله‪ ،‬ثم عند عمر حتى‬
  ‫توفاه الله‪ ،‬ثم عند حفصة بنت عمر‪ .‬تابعه‬
 ‫عثمان بن عمر‪ ،‬والليث‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن ابن‬
 ‫شهاب‪ ،‬وقال الليث‪ :‬حدثني عبد الرحمن بن‬
 ‫خالد‪ ،‬عن ابن شهاب‪ ،‬وقال‪ :‬مع أبي خزيمة‬
‫الأنصاري‪ ،‬وقال موسى‪ ،‬عن إبراهيم‪ :‬حدثنا‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20