Page 14 - m
P. 14

‫العـدد ‪58‬‬                                         ‫‪12‬‬

                                                ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

‫أن أبا بكر (‪634 -573‬م) حين أمر بجمعه‪،‬‬             ‫هذا فكيف يتم التعامل مع الرقاع المكتوبة؟‬
  ‫قال (من الرقاع والصدور)‪ ،‬أي أن بعضه‬             ‫هل تمحى أيضا؟ ثم‪ :‬كيف يتذكر الشخص‬
 ‫كان مكتو ًبا وبعضه كان محفو ًظا‪ ،‬وال ُح َّفاظ‬
      ‫قليلون‪ ،‬كما أن بعضهم مات في حرب‬                  ‫أنه نسي ما أراد الله أن ينسيه إياه؟!‬
                                                   ‫إذن فمعنى النسخ وكيفيته مختلف عليه‪.‬‬
‫اليمامة‪ ،‬أو حرب الردة كما س َّموها بينما هي‬         ‫لكن الأعظم أن أح ًدا لا يملك َث َبتًا بالآيات‬
  ‫«حرب الزكاة» أو «حرب ال ُحكم»‪ ،‬لكن هذا‬         ‫التي نسخت بشكل كامل‪ ،‬بل هناك اختلاف‬
                               ‫شأ ٌن آخر‪.‬‬         ‫شاسع بين الآراء‪ ،‬وقد رتبها الدكتور عبد‬
      ‫و(الجم ُع) ينفي –كذلك‪ -‬أن النبي كان‬        ‫الله الشنقيطي على النحو الآتي‪ :‬د‪.‬مصطفى‬
    ‫(يعرض) –مع حمولة الفعل َع َر َض التي‬
 ‫تحدثت عنها ساب ًقا‪ -‬القرآن على جبريل كل‬              ‫زيد (‪ )293‬آية‪ ،‬ابن الجوزي (‪،)247‬‬
    ‫رمضان طوال الشهر‪ ،‬وأنه عرضه عليه‬                  ‫السكري (‪ ،)218‬ابن حزم (‪ ،)214‬ابن‬
     ‫مرتين في العام الأخير‪ ،‬بالضبط كما أن‬            ‫سلامة (‪ ،)213‬الأجهوري (‪ ،)213‬ابن‬
  ‫نزول آية «اليوم أكمل ُت لكم دين َكم وأتمم ُت‬   ‫بركات (‪ ،)210‬مكي بن أبي طالب (‪،)200‬‬
   ‫عليكم نعمتي ورضي ُت لكم الإسلا َم دينًا»‬     ‫النحاس (‪ ،)134‬عبد القاهر (‪ ،)66‬محمد عبد‬
  ‫(المائدة‪ )3 :‬ينفي وجود آيتي رجم الزاني‬           ‫العظيم الزرقاني (‪ ،)22‬السيوطي (‪،)20‬‬
 ‫المح َّصن وإرضاع الكبير عش ًرا تحت سرير‬          ‫الدهلوي (‪( .)5‬بحث للدكتور عبد الرحمن‬
   ‫عائشة‪ ،‬لأنه –عقليًّا ومنطقيًّا‪ -‬كان الوحي‬
  ‫قد اكتمل‪ ،‬وأُ ِذ َن برحيل النبي‪ ،‬كما ورد في‬               ‫الشهري‪ ،‬ملتقى أهل التفسير)‪.‬‬
   ‫صحيح ابن حبان (‪ )6861‬عن أبي سعيد‬              ‫هذا التباين الكبير في عدد الآيات المنسوخة‪،‬‬

                                                    ‫من (‪ )5 : 293‬يقول إن الاختلاف حول‬
                                                      ‫(علمية) الموضوع وإحكامه هو الأصل‬

                                                ‫وليس العكس‪ ،‬ونحن هنا نتحدث عن النسخ‬
                                                   ‫في القرآن فقط‪ ،‬وهو –من المفترض‪ -‬أكثر‬
                                                    ‫إحكا ًما وصدقية من الأحاديث‪ ،‬فماذا لو‬
                                                    ‫دخلنا باب الاختلاف في (نسخ) الحديث‬
                                                   ‫بالحديث ونسخ الحديث بالقرآن والقرآن‬

                                                 ‫بالحديث؟ ثم‪ :‬كيف يمكن للمؤمن أن يطمئن‬
                                                      ‫لنسخ آية بحديث‪ ،‬وكتب الأحاديث ثم‬

                                                  ‫تدوينها بعد وفاة النبي بمائتي عام‪ ،‬وفيها‬
                                                     ‫الكثير من الضعف والدس والانقطاع‪..‬‬
                                                     ‫باعتراف المتقدمين والمتأخرين؟ والأهم‪:‬‬

                                                  ‫كيف يطلقون عليه لفظ (علم)؟ العلم يحيل‬
                                                     ‫إلى الإحكام واليقين‪ ،‬بينما باب الناسخ‬

                                                ‫والمنسوخ ليس به إحكام ولا يقين ولا اتفاق!‬

                                                ‫جمع القرآن‬

                                                        ‫عنوان «جمع القرآن» في ذاته –عقليًّا‬
                                                ‫ومنطقيًّا‪ -‬يعني أنه لم يكن موجو ًدا في مكان‬

                                                  ‫واحد من أول إلى آخر آية‪ ،‬فالجمع مضاد‬
                                                  ‫التشتت‪ ،‬كما أنه لم يكن مكتو ًبا كله‪ ،‬بدليل‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19