Page 17 - m
P. 17
افتتاحية 1 5
التنزيل ،فالروايات جميعها تقول إن أوائل من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما
الصحابة لم يكونوا بين ُح َّفاظ القرآن ،ولا نزل بلسانهم ،ففعلوا ،حتى إذا نسخوا
يعرف معظمهم تفسير ومعان َي بعض ما
ورد فيه. الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف
إلى حفصة ،وأرسل إلى كل أفق بمصحف
-2أن النس َخ تم تحت ضغط الخوف من مما نسخوا ،وأمر بما سواه من القرآن في
التحريف فقط ،بالصدفة البحتة ،فلو لم يكن كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .قال
ابن شهاب :وأخبرني خارجة بن زيد بن
حذيفة بن اليمان يغازي أهل الشام في فتح ثابت ،سمع زيد بن ثابت قال :فقدت آية
من الأحزاب حين نسخنا المصحف ،قد كنت
أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ،ما لحظ أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ
بها ،فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن
اختلاف القراءة ،وبالتالي لم يكن القرآن ثابت الأنصاري «من المؤمنين رجال صدقوا
ما عاهدوا الله عليه» ،فألحقناها في سورتها
سينسخ ،أو –على الأقل -كان سيتأخر إلى
في المصحف.
صدفة أخرى ،قد تأتي وقد لا تأتي. وثمة ملاحظات مهمة على هذه الرواية
-3أن عثمان ك َّون لجنة للنسخ ،وأوصاهم أي ًضا:
إن اختلفوا أن ينسخوا بلهجة قريش ،ولم -1أن حدوث (الجمع) في عهد أبي بكر لم
ي(اكلننسمفخ)ه،و ًمفاالنوالاسمخسناتقسلا ًغوالأينسي ُمخ ْنتل ِشفئًواا، يتبعه –تلقائيًّا -النسخ والتعميم ،وإنما تم
في حفظ النسخة المجموعة عند أبي بكر ،ثم آلت
إلا إلى عمر بن الخطاب حين تو َّل ،ثم لم يطلبها
لو أن اللجنة أُعطيت صلاحية (مراجعة)
عثمان أص ًل بعد وفاة عمر ،فظلَّ ْت عند
المجموع مرة أخرى ،وهو ما يعني أن ثمة ابنته حفصة (أم المؤمنين) ،وهو ما يشير –
منطقيًّا -إلى أن الجمع كان للحفظ والتسجيل
جم ًعا آخر. فقط ،وأن القرآن لم يكن ه ًّما يوميًّا كما عند
-4أن حديث الآية الضائعة الذي ورد عن المتدينين الآن .ولا يمكن المحاججة بأنهم لم
يكونوا يحتاجون النسخة المكتوبة لقرب عهد
زيد بن ثابت تكرر أثناء النسخ كما قيل
بالضبط أثناء الجمع الأول ،وهو ما يشير
إلى أن الروايات ليست دقيقة ،وأنها تخلط
الأمور بحكم أنها ُد ِّونت متأخ ًرا ،وهذه
طبائع الأمور ،عكس ما يريد المتدينون أن
يقنعونا به من أن التدوين كان صار ًما وبه
استيثاق من الرواية والرواة ..إلخ.
لجنة عثمان:
في الحديث السابق الوارد في صحيح
البخاري (ُ )1908ذ ِك َر أن عثمان بن عفان
ش َّكل لجنة من أربعة لنسخ القرآن هم :زيد
بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن
العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
لكن ثمة روايات أخرى تج ُّب رواية البخاري،
فاللجنة لم تكن من أربعة رجال فقط ،بل
اثني عشر رج ًل ،على رواية ابن أبي داود
في كتاب المصاحف ،حيث يقول ص/213
« :214حدثنا عبد الله ،قال :حدثنا إسحاق
بن إبراهيم بن زيد ،قال :حدثنا أبو بكر،
قال :حدثنا هشام بن حسان ،عن محمد