Page 16 - m
P. 16

‫العـدد ‪58‬‬                                         ‫‪14‬‬

                                             ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

     ‫‪ -5‬أن استثقال زيد للمهمة يشي بأن‬          ‫ابن شهاب‪ :‬مع أبي خزيمة‪ ،‬وتابعه يعقوب‬
 ‫الآيات متفرقة بشكل يستلزم جه ًدا خار ًقا‬                         ‫بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪.‬‬

                                ‫لجمعها‪.‬‬         ‫وقال أبو ثابت‪ :‬حدثنا إبراهيم‪ ،‬وقال‪ :‬مع‬
                          ‫الجمع الثاني‪:‬‬                          ‫خزيمة‪ ،‬أو أبي خزيمة‪.‬‬
       ‫الجمع الثاني‪ ،‬أو المرحلة الثانية‪ ،‬أو‬
‫النسح –س ِّمه ما شئت‪ -‬تم في عهد الخليفة‬          ‫هناك عدة ملاحظات على هذه الرواية‪:‬‬
   ‫الثالث عثمان بن عفان (‪ 47‬ق‪.‬هـ‪35 -‬‬         ‫‪ -1‬أن القرآن لم يكن موجو ًدا في مكان واحد‬
       ‫هـ‪656 -576 /‬م)‪ ،‬الذي حكم من‬
 ‫(‪35 -23‬هـ)‪ ،‬والقصة واردة في صحيح‬              ‫–كما ذكرت ساب ًقا‪ ،-‬ولم يكن مكتو ًبا كله‪،‬‬
     ‫البخاري أي ًضا‪ ،‬كتاب فضائل القرآن‪،‬‬         ‫لقول أبي بكر «فتت َّب ِع القرآ َن فاجم ْع ُه”‪،‬‬
  ‫باب جمع القرآن (‪ :)1908‬حدثنا موسى‬           ‫وقول زيد بن ثابت الذي تم تكليفه بالجمع‬
  ‫حدثنا إبراهيم حدثنا ابن شهاب‪ ،‬أن أنس‬
  ‫بن مالك حدثه‪ ،‬أن حذيفة بن اليمان َق ِد َم‬         ‫(فتتبع ُت القرآن أجم ُع ُه من ال ِّرقاع‬
    ‫على عثمان وكان يغازي أهل الشام في‬           ‫والأكتاف والعسب‪ ،‬وصدور الرجال)‪،‬‬
   ‫فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق‪،‬‬           ‫فالتتبع معناه التنقل بين أكثر من مكان‬
 ‫فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة‪ ،‬فقال‬        ‫وأكثر من مصدر‪ ،‬و»صدور الرجال» معناه‬
 ‫حذيفة لعثمان‪ :‬يا أمير المؤمنين أدرك هذه‬
   ‫الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف‬          ‫أن جز ًءا منه على الأقل لم يكن مكتو ًبا‪.‬‬
    ‫اليهود والنصارى‪ ،‬فأرسل إلى حفصة‬             ‫‪ -2‬أن الحاجة إلى جمع القرآن نشأت من‬
     ‫أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في‬          ‫وجود خطر موت ال ُح َّفاظ في حرب اليمامة‪،‬‬
    ‫المصاحف ثم نر ُّدها إلي ِك‪ ،‬فأرسلت بها‬   ‫وطب ًعا لو كان مكتو ًبا ومجمو ًعا عند النبي لم‬
‫حفصة إلى عثمان‪ ،‬فأمر زيد بن ثابت وعبد‬        ‫يكن هذا الخطر سيظهر‪ ،‬لكن يظل الاستفهام‬
    ‫الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد‬       ‫ماث ًل حول‪ :‬هل مات أحد من ال ُح َّفاظ بالفعل‬
‫الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في‬            ‫دون أخذ ما عنده؟ وما هي الضمانة لعدم‬
  ‫المصاحف‪ ،‬وقال عثمان للرهط القرشيين‬
  ‫الثلاثة‪ :‬إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء‬                                   ‫حدوث ذلك؟‬
                                              ‫‪ -3‬تعرضت ساب ًقا لأن وجود آيات ضائعة‬

                                                    ‫استكملها زيد ووضعها في موضعها‪،‬‬
                                               ‫يفتح الباب أمام (احتمال) ضياع أخرى لم‬
                                              ‫يتذكرها‪ ،‬فـ(زيد) بشر في النهاية مهما كان‬
                                             ‫خار ًقا! طب ًعا بصرف النظر عن التضارب في‬

                                                       ‫الأحاديث الذي عرضت له ساب ًقا‪.‬‬
                                                                     ‫‪ -4‬أن الرسول لم‬
                                                                     ‫يكن يمتلك نسخة‬

                                                                 ‫كاملة من القرآن فقط‪،‬‬
                                                                  ‫بل إنه لم يأمر بجمع‬
                                                                   ‫القرآن يو ًما‪ ،‬والأهم‬
                                                                 ‫أن صحابته لم يكونوا‬
                                                                 ‫يفكرون بالأمر‪ ،‬لدرجة‬
                                                                 ‫أن أبا بكر وزيد اعتبرا‬
                                                                  ‫مجرد التفكير في ذلك‬
                                                                  ‫افتآ ًتا على رسول الله‬
                                                                   ‫والإقدام على فعل لم‬
                                                                  ‫يفعله ولم يأمر بفعله‪.‬‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21