Page 10 - m
P. 10

‫الذين يتحدثون عن "علوم الدين"‪،‬‬

                                             ‫أي مجموعة المعارف التي ترتبط‬

                                             ‫بالدين وتستند إلى القرآن الكريم‬

                                             ‫والسنة النبوية‪ ،‬يضعون ضمنه باب‬

                                             ‫"الناسخ والمنسوخ"‪ ،‬وقيل إن أول‬

                                             ‫من تحدث عنه الإمام الشافعي (أبو‬

                                             ‫عبد الله محمد بن إدريس الشافعي‬

                                             ‫المطلبي القرشي (‪204 -150‬هـ)‪،‬‬

                                             ‫وغايته فهم التضاد (الظاهر) بين‬

‫محمد فاروق النبهان‬                           ‫بعض الآيات في القرآن‪ ،‬وبعض‬
                                             ‫الأحاديث‪ ،‬إضافة إلى التضاد بين‬

‫قعو ًدا نكتب ما نسمع من‬                      ‫الحديث والقرآن‪ ،‬والحديث والحديث‪.‬‬
‫النبي فخرج علينا‪ ،‬فقال‪« :‬ما‬

‫هذا تكتبون؟ «فقلنا‪ :‬ما نسمع‬

   ‫منك‪ ،‬فقال‪« :‬أكتاب مع كتاب‬                                 ‫يعد ذلك علامة على شيء؟‬
   ‫الله؟» فقلنا‪ :‬ما نسمع‪ ،‬فقال‪« :‬أكتاب غير‬        ‫ومن ذلك أي ًضا ما قيل في الخمر‪ ،‬فثمة‬
 ‫كتاب الله‪ ،‬امحضوا كتاب الله‪ ،‬وأخلصوه»‪،‬‬      ‫تعارض ظاهر (في رأي المفسرين وال ُّش َّراح)‬
   ‫قال‪ :‬فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد‪ ،‬ثم‬           ‫بين قوله تعالى‪« :‬يسألونك عن الخمر‬
‫أحرقناه بالنار‪ ،‬قلنا‪ :‬أي رسول الله‪ ،‬أنتحدث‬     ‫والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس‬
    ‫عنك؟ قال‪« :‬نعم‪ ،‬تحدثوا عني ولا حرج‪،‬‬          ‫وإثمهما أكبر من نفعهما» (البقرة‪،)19 :‬‬
    ‫ومن كذب عليَّ متعم ًدا فليتبوأ مقعده من‬       ‫وقوله‪« :‬يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر‬
‫النار»‪ ،‬قال‪ :‬فقلنا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أنتحدث عن‬  ‫والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل‬
  ‫بني إسرائيل؟ قال‪« :‬نعم‪ ،‬تحدثوا عن بني‬      ‫الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون” (المائدة‪:‬‬
  ‫إسرائيل ولا حرج؛ فإنكم لا تحدثون عنهم‬
                                                                                ‫‪.)90‬‬
       ‫بشيء إلا وقد كان فيهم أعجب منه»‪.‬‬                    ‫‪ -2‬التضاد بين الأحاديث‪:‬‬
      ‫وفي مسند أحمد من حديث أبي سعيد‬           ‫أما عن الأحاديث المنسوبة إلى النبي‪ ،‬فإن‬
 ‫الخدري أن رسول الله قال‪ :‬لا تكتبوا عني‪،‬‬       ‫الأمر يتعدى التضاد الواضح الظاهر بين‬
 ‫ومن كتب عني غير القرآن فليمحه‪ ،‬وح ِّدثوا‬       ‫المرويات؛ إلى وجود أحاديث (صحيحة)‬
  ‫عني ولا حرج‪ ،‬ومن كذب عليَّ ‪-‬قال همام‪:‬‬       ‫في الكتب العمد‪ ،‬تنفي وجود الأحاديث من‬
     ‫أحسبه قال‪ :‬متعم ًدا‪ -‬فليتبوأ مقعده من‬    ‫الأصل‪ ،‬وأن النبي الذي يكتبون عنه أقواله‬
‫النار‪ .‬وأخرج الترمزي بسنده من حديث أبي‬
                                             ‫ويسجلون عليه أفعاله كره ذلك صراحة‬
‫سعيد الخدري ‪-‬أي ًضا‪ -‬قال‪ :‬استأذ َّنا النبي‬
‫ونهاهم عنه‪ ،‬ففي صحيح مسلم (‪ ،)2004‬صلى الله عليه وسلم في الكتاب فلم يأذن‬
                             ‫وابن ماجه (‪ )37‬مختص ًرا‪ ،‬وأحمد (‪ )11092‬لنا»‪.‬‬
‫لو تجاوزنا عن ذلك فسنجد أن ثمة تعار ًضا‬      ‫واللفظ له‪ ،‬عن أبي سعيد الخدري‪ :‬كنا‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15