Page 8 - m
P. 8
العـدد 58 6
أكتوبر ٢٠٢3
والآيات ليس دقي ًقا كذلك. مع أحاديث أخرى ذكر ُت بعضها ساب ًقا ،مثل
أما ترتيب السور فهو اجتهاد من الصحابة نسيان النبي لآيات وتذكره لها بالصدفة ،وأن
في الإجماع (رغم أن كثيرين قالوا إن ترتيب الداجن أكل آيتي الرجم ورضاع الكبير عش ًرا،
الآيات والسور كلتاهما توقيف ،أي بتوجيه وأن (الأحزاب) نقصت إلى الثلث بعد الجمع..
من النبي ذاته) .فقد ذكر محمد فاروق النبهان وغيرها ،فلو صح أن الآيات كانت توضع في
في كتابه (المدخل إلى علوم القرآن الكريم)
عن البرهان للزركشي ،ج ،1صُ « :237ج ِم َع مكانها ما حدث ذلك ،والأهم أن الصحابة لم
القرآن على ضربين :أحدها :تأليف السور، يكونوا سيحتاجون لجمع الآيات من الرقاع
كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين ،فهذا و(الصدور) بشاهدين ،كما سآتي إليه لاح ًقا،
الضرب هو الذي تولته الصحابة .وأما وأن الأحاديث تقول إن بعض الآيات كانت
الجمع الآخر :وهو جمع الآيات في السور فهو
توقيفي تولاه النبي” .وقد أورده السيوطي مفقودة وعثر عليها بالصدفة!
عن ابن فارس في (الإتقان) ج ،١ص -١٧٦ ففي صحيح البخاري ،كتاب فضائل القرآن،
“ .١٧٧ومما استدل به لذلك اختلاف السلف باب جمع القرآن ( :)4988قال ابن شهاب:
في ترتيب السور فمنهم من رتبها على النزول
وهو مصحف عليًّ كان أوله اقرأ ثم المدثر ثم وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت :فقدت
نون ثم المزمل وهكذا وكان أول مصحف ابن آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ،قد
مسعود البقرة ثم النساء ثم آل عمران على كنت أسمع رسول الله يقرأ بها ،فالتمسناها
فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري:
اختلاف شديد وكذا مصحف أُبي”. “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله
وأيضا هذا الرأي يختلف عما بين ُت ُه ساب ًقا عليه” فألحقناها في سورتها في المصحف.
من أن عليًّا بن أبي طالب قال :أول ما نزل وهو دليل آخر أن (التذكر) الشخصي لعب
من القرآن “قل تعالوا أتل ما حرم ربكم دو ًرا في الجمع ،وهو ما ينفي فكرة الإغلاق.
عليكم” .فما يقال هنا يقال عكسه هناك.. وفي صحيح البخاري أي ًضا ( ،)7191وأي ًضا
وهكذا! ويبقى أن أتوقف في مناسبة أخرى عن زيد بن ثابت قال :فتتبعت القرآن ،أجمعه
أمام الآيات المتشابهة بالكامل في أكثر من
سورة ،والمتشابهة جزئيًّا ،والبحث في دلالة من العسب والرقاع واللخاف وصدور
الرجال ،فوجدت في آخر سورة التوبة “لقد
هذا التكرار. جاءكم رسول من أنفسكم” (التوبة.)128 :
إلى آخرها مع خزيمة ،أو أبي خزيمة،
فألحقتها في سورتها.
الحديثان في كتاب واحد هو البخاري،
والراوي واحد هو زيد ابن ثابت،
والمصدر الحامل واحد هو خزيمة
(أو أبي خزيمة :لاحظ هذا) ،ومع
ذلك فالآيتان مختلفتان :الأولى في
الأحزاب رقم ( ،)23والثانية في
التوبة ( .)128وهذا يعني واحد من
اثنين :الأول أن وجود آيات ضائعة
كان أم ًرا عاد ًّيا مما ينفي موضوع
الإغلاق ،أو أن كتب الأحاديث ليست
دقيقة ،وبالتالي فإن الكلام عن
التوقيف والاجتهاد في ترتيب السور