Page 300 - merit 49
P. 300

‫العـدد ‪49‬‬                          ‫‪298‬‬

                                     ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

   ‫المشتت لتواجه ملك الفرس‪ ،‬في‬                    ‫علي عشري زايد‬             ‫ونناور تما ًما مثلما فعلت بنو‬
  ‫مقابل ذلك الملك الضليل الأرعن‬                                          ‫إسرائيل حينما أمرهم ربهم على‬
‫الذي يسعى للثأر من العرب بقتل‬           ‫عبس» على هذا النحو‪ :‬يا بنتي‬
  ‫مئة في رجل‪ ،‬بل يمعن في إذلال‬       ‫منذ تخاذل عنترة عنا‪ /‬مكتفيا أن‬         ‫لسان موسى عليه السلام أن‬
 ‫العرب بحلق الشعر! وفي انحياز‬        ‫يبقى عب ًدا‪ /‬وبنو عبس لا تقدر أن‬      ‫يذبحوا بقرة‪ ،‬فأخذوا يماطلون‬
                                      ‫تدفع ش ًّرا‪ .‬موجها كلامه إلى هند‬    ‫ويتساءلون حول البقرة ولونها‬
   ‫يكاد يكون تا ًّما لدور المرأة في‬                                      ‫وسنها وخادمة هي أم مخدومة‪،‬‬
‫حياة الأمم والشعوب‪ ،‬ذلك الدور‬           ‫بنت الملك النعمان حينما سألت‬
‫الذي يثمنه غاليًا أشرف أبو جليل‬           ‫من يجيرها! في إشارة بادية‬         ‫وما إلى ذلك من المماطلة التي‬
 ‫في هذه المسرحية‪ ،‬وذلك في قول‬                                           ‫تعني محاولة الهروب من مواجهة‬
                                     ‫وعميقة من قبل الشاعر‪ ،‬تتمثل في‬
  ‫مخرج عرض «الحرقة»‪ :‬تعالوا‬          ‫أننا منذ وضعنا سيوفنا زينة على‬         ‫الحقيقة! يمثل هذا الموقف هنا‬
 ‫نكمل عرض الحرقة‪ ،‬لتروا كيف‬          ‫جدر الحوائط‪ ،‬وأصبح الحنين إلى‬           ‫ما ذهب إليه امرؤ القيس من‬
                                     ‫غبار المعارك‪ ،‬معادلة صعبة المنال!‬   ‫مماطلة ومناورة في الكيفية التي‬
    ‫تكون امرأة بإرادة أمة‪ .‬هكذا‪،‬‬                                           ‫ينبغي أن يكون عليها ناقل هذا‬
‫وكما هو حادث على نحو ما رأينا!‬             ‫‪ -‬الفارق أوضح من شمس‬          ‫الخبر‪ /‬خبر مقتل أبيه له‪ ،‬وكيف‬
                                          ‫الصيف‪ ،‬هذا كان على لسان‬        ‫لا وهو اللاهي الغارق في شرابه‬
  ‫وفي الختام عليَّ أن أدعو مؤلف‬        ‫المخرج (‪ ،)2‬مخرج عرض الملك‬       ‫ومجالسه وملذاته العاجلة‪ ،‬ناش ًدا‬
     ‫هذا العرض المسرحي‪ ،‬الذي‬              ‫الضليل‪ ،‬بينما مخرج عرض‬             ‫من وراء هذه المماطلة تأجيل‬
                                         ‫الحرقة يتحدث هكذا‪ :‬لا وجه‬          ‫لحظة المواجهة‪ /‬مواجهة خبر‬
  ‫يمثله أشرف أبو جليل هنا‪ ،‬إلى‬            ‫مقارنة حقة بين العرضين‪/‬‬          ‫مقتل أبيه‪ ،‬مخاطبًا ناقل الخبر‬
    ‫متابعة العطاء في هذا المجال‪/‬‬       ‫فهذي امرأة تجمع شمل العرب‬          ‫هكذا‪ :‬اخرج للكالوس الأيمن‪/..‬‬
‫مجال المسرح الشعري الذي تخلى‬                                             ‫لم تدخل جر ًيا يا فاشل‪ /..‬اخرج‬
   ‫–تقريبًا‪ -‬شعراء الموجات التي‬                                            ‫للكالوس وأد الدور كما يجب‪..‬‬
 ‫تلت موجة الرياديين الأوائل عن‬                                          ‫إلخ‪ ،‬حتى نصل إلى وجه آخر من‬
                                                                        ‫وجوه المماطلة وهو تصنع البكاء‪:‬‬
                     ‫الكتابة فيه‬                                        ‫آه يا أبت آه‪ .‬لنقف سو ًيا ومعا في‬
                                                                         ‫مواجهة هذه الحقيقة التي جاءت‬
               ‫مراجعات‪:‬‬                                                     ‫على لسان امرؤ القيس نفسه‪،‬‬
                                                                          ‫والتي تتمثل في قولته الشهيرة‪:‬‬
  ‫‪ -1‬يراجع‪ :‬د طه وادي‪ ،‬الشعر‬                                             ‫اليوم خمر‪ ،‬وغ ًدا أمر! وهنا‪ ،‬وفي‬
 ‫العربي المعاصر وقضايا المسرح‬                                              ‫هذا الموقف تظهر الحقيقة المرة‬
                                                                          ‫على لسان المخرج (‪ :)1‬فقد قتل‬
          ‫الشعري‪ ،‬مجلة الشعر‪.‬‬                                           ‫الملك لديهم ولدينا‪ ،‬وتكتمل مرارة‬
  ‫‪ -2‬يراجع‪ :‬فؤاد دوارة‪ ،‬صلاح‬                                               ‫هذه الحقيقة حينما تكلم «سيد‬
  ‫عبد الصبور والمسرح الشعري‪.‬‬
‫‪ -3‬يراجع‪ :‬رفعت سلام‪ ،‬المسرح‬

               ‫الشعري العربي‪.‬‬
                   ‫‪ -4‬السابق‪.‬‬
   295   296   297   298   299   300   301   302