Page 299 - merit 49
P. 299

‫‪297‬‬              ‫ثقافات وفنون‬

                 ‫مسرح‬

‫علي أحمد باكثير‬  ‫عبد الرحمن الشرقاوي‬  ‫صلاح عبد الصبور‬                           ‫الدكتور علي عشري زايد‪ ،‬تلك‬
                                                                                   ‫الشخصيات التي تعمل هنا‬
‫أنا فخلقت للشعر الجميل‪ /‬خلقت‬          ‫‪ -‬شهوة السيطرة وحب الامتلاك‬
  ‫للجو العليل‪ .‬هكذا وهكذا خلص‬               ‫اللذان يمثلهما «كسرى ملك‬             ‫بوصفها شاشة بيضاء لاقطة‬
   ‫تأويلنا لهذا الموقف النصي في‬             ‫الفرس»‪ ،‬فهوالذي يملك من‬             ‫بتعبير أستاذنا الدكتور صلاح‬
        ‫مسرحيتنا الشعرية تلك‪.‬‬                                                ‫فضل‪ ،‬يعرض عليها الكاتب آراءه‬
 ‫‪ -‬هنا وفي هذا الموقف يتم تأكيد‬          ‫النساء ثمانين امرأة إضافة إلى‬       ‫وأفكاره في قضية ما من القضايا‬
‫ما ذهبنا إليه في الطرح الأول على‬          ‫الجواري والإماء‪ ،‬وعلى الرغم‬         ‫بحسبان هذه الشخصيات قنا ًعا‬
                                       ‫من هذا كله يسعى إلى ضم «هند‬           ‫يتخفى وراءه نشدانا لعدم المسألة‬
‫لسان المخرج (‪ :)1‬حم ًدا لله اللجنة‬      ‫بنت الملك النعمان» ذات الحسب‬           ‫المباشرة التي يمكن أن يتعرض‬
 ‫ماكثة‪ ،‬لم تخرج فإذن هي تطلب‬             ‫والنسب العربي‪ ،‬فقط لشعوره‬
  ‫أن نعرض جز ًءا آخر من عرض‬                                                        ‫لها من قبل الآخر! يستلهم‬
  ‫«الحرقة»‪ ،‬طب ًعا طب ًعا معها حق‪،‬‬          ‫‪-‬أي هذا الملك‪ -‬بأن العرب‬           ‫هذه الشخصيات بقصد إسقاط‬
‫فالفارق ضخم ج ًّدا بين فتاة تعتز‬        ‫يتعالون على الفرس‪ ،‬ولا بد من‬
‫بوالدها وعروبتها‪ ،‬وبين اللاهي‪/‬‬        ‫إذلالهم وكسر شمم أنوفهم‪ :‬هند‪:‬‬              ‫أحداثها التاريخية على واقعنا‬
  ‫المغضوب عليه من الأهل المدعو‬           ‫أتسميه زوا ًجا‪ ،‬هو رق يا أماه!‬        ‫المعيش‪ ،‬الذي قد تتشابه أحداثه‬
   ‫بالملك الضليل‪ ،‬هيا نكمل قصة‬                                                 ‫مع هذه المواضيع من الأحداث‪،‬‬
 ‫هند وأبيها النعمان وملك الفرس‬            ‫‪ -‬وفي هذا الموقف يبدو لي أن‬          ‫بقصد إدانة هذا الواقع بتعريته‬
                     ‫المتغطرس‪.‬‬            ‫الرائي الذي يمثله أشرف أبو‬          ‫على أثر إدارته لحوار مثمر وبناء‬
‫‪ -‬هنا الموقف مأساوي على الرغم‬         ‫جليل هنا ينحاز انحيا ًزا باد ًيا للفن‬   ‫على لسان أبطاله‪ /‬أبطال العرض‬
   ‫من اتسامه بالطرافة‪ ،‬فنحن في‬            ‫الذي يمثله الشعر هكذا‪ :‬امرؤ‬
     ‫جل أمورنا لا نريد الإنصات‬         ‫القيس‪ :‬أنا لا أريد العيش في تلك‬                            ‫المسرحي‪.‬‬
    ‫إلى صوت الحقيقة‪ ،‬بل نحاور‬         ‫الصروح‪ /‬لا شيء فيها غير هم‪/‬‬               ‫اللغة‪ ..‬لغة هذا العمل المسرحي‬
                                       ‫إما لجمع المال من قوت القبائل‪/‬‬
                                        ‫أو حروب ترتوي أنهار دم‪ /‬أما‬                ‫الشعري حية نشطة جاءت‬
                                                                                    ‫متساوقة مع حركة الزمن‬
                                                                              ‫وتقلبات أحواله‪ ،‬والحوار ساخن‬
                                                                             ‫محتد لا يبقيك على هدوئك قبل أن‬

                                                                                           ‫تفرغ من متابعته‪.‬‬

                                                                                   ‫زبدة المواقف‬

                                                                                 ‫‪ -‬الحياة هكذا بين لونين من‬
                                                                                 ‫المواقف‪ :‬مواقف جادة هادفة‬
                                                                                ‫تحمل قي ًما إنسانية وحضارية‬
                                                                                  ‫عالية‪ ،‬ومواقف أخرى لاهية‬
                                                                                 ‫ديدنها تفريغ شحنات عاجلة‬
                                                                                   ‫تمتاح من الخواء والإخواء‪،‬‬
                                                                                 ‫ورسائلها تخاطب الدنيء من‬
                                                                              ‫المشاعر‪ ،‬والمستهلك من الرغبات‪،‬‬
                                                                                  ‫فبين الجد الذي يمثله عرض‬
                                                                             ‫«الحرقة»‪ ،‬وبين الهزل الذي يمثله‬
                                                                                ‫عرض «الملك الضليل» مساحة‬

                                                                                         ‫شاسعة من التأويل‪.‬‬
   294   295   296   297   298   299   300   301   302