Page 298 - merit 49
P. 298

‫أشرف أبو جليل‬                      ‫يبدو لي أن الرائي الذي يمثله أشرف‬
                                     ‫أبو جليل هنا ينحاز انحياًزا باد ًيا‬
  ‫الرؤية‬                              ‫للفن الذي يمثله الشعر هكذا‪:‬‬
                                      ‫امرؤ القيس‪ :‬أنا لا أريد العيش‬
                                      ‫في تلك الصروح‪ /‬لا شيء فيها‬
                                    ‫غير هم‪ /‬إما لجمع المال من قوت‬
                                    ‫القبائل‪ /‬أو حروب ترتوي أنهار دم‪/‬‬

                                   ‫أما أنا فخلقت للشعر الجميل‪ /‬خلقت‬
                                    ‫للجو العليل‪ .‬هكذا وهكذا خلص‬
                                     ‫تأويلنا لهذا الموقف النصي في‬

                                         ‫مسرحيتنا‪ ‬الشعرية‪ ‬تلك‪.‬‬

      ‫في مسرحية «رجل وامرأة‬         ‫السماح عبد الله وغيرهما‪ ،‬إلا أن‬       ‫عبد الصبور للكتابة في مجال‬
 ‫وقضية» لأشرف أبو جليل نحن‬           ‫هذه الكتابات لم تحظ بالمتابعة‪،‬‬        ‫المسرح الشعري‪ ،‬والحق أنها‬
‫أمام نص مسرحي فائق السيادة‪:‬‬          ‫ولم يسلط الضوء عليها فخفتت‬         ‫كانت مرحلة فارقة على مستوى‬
 ‫مخرجان يتصارعان على خشبة‬             ‫خفو ًتا لا يكاد يسمع له همس‪،‬‬       ‫اللغة التي تخففت من غنائيتها‪،‬‬
                                     ‫حتى وقعت بين يد َّي مسرحية‬       ‫ومن أثقالها وزوائدها الشكلانية‪،‬‬
   ‫المسرح حول قضية من منهما‬          ‫«رجل وامرأة وقضية» لأشرف‬              ‫وعلى مستوى المضامين التي‬
 ‫أحق من أخيه في ضربة البداية‪،‬‬        ‫أبو جليل‪ ،‬وبالمناسبة هو واحد‬         ‫تحركت محايثة لحركة الزمن‬
 ‫وفي المقابل بطلان يتشاجران في‬         ‫من رموز هذا الجيل‪ ،‬غير أنه‬       ‫ومتطلبات اللحظة الراهنة‪ :‬أنتج‬
  ‫أحقية أي عرض من العرضين‬            ‫يتسم بحضور فاعل في الوسط‬            ‫صلاح عبد الصبور خلال هذه‬
  ‫في هذه الضربة‪ ،‬ضربة البداية‬                                         ‫المرحلة خمس مسرحيات هي‪ :‬بعد‬
‫كذلك‪ ،‬فيما أسميه إحالات رمزية‬      ‫الثقافي على مستوى الكتابة في هذا‬      ‫أن يموت الملك‪ ،‬الأميرة تنتظر‪،‬‬
                                     ‫المجال‪ ،‬مجال المسرح الشعري‪،‬‬         ‫ليلى والمجنون‪ ،‬مأساة الحلاج‪،‬‬
   ‫دالة وكاشفة لعمق الهوة بين‬         ‫فمسرحيته التي نحن بصددها‬          ‫مسافر ليل‪ .‬تلا هذا الوهج فترة‬
   ‫ثقافتنا العشوائية المتوارثة في‬    ‫تعد بحق قفزة كبيرة تعيدنا إلى‬      ‫من الركود تحركت فيها الكتابة‬
   ‫إدارة أي عمل‪ ،‬وبين الآخرين‬         ‫أجواء الرياديين من أمثال عبد‬     ‫في مجال المسرح الشعري حركة‬
‫الذين يح ِّكمون العلم في كل كبيرة‬    ‫الرحمن الشرقاوي‪ ،‬صلاح عبد‬          ‫السلحفاة‪ ،‬فكتب كل من د‪.‬أنس‬
   ‫وصغيرة‪ ،‬حتى لو تعلق الأمر‬        ‫الصبور‪ ..‬وغيرهما ممن أسسوا‬            ‫داود‪ ،‬محمد إبراهيم أبوسنة‪،‬‬
‫بإدارة عرضين مسرحيين‪ ،‬هكذا‪،‬‬            ‫لهذا اللون من الكتابة في أفقه‬    ‫محمد مهران السيد‪ ..‬إلخ‪ ،‬حتى‬
   ‫ثم تنطلق المسرحية من خلال‬         ‫الحداثي‪ ،‬وها نحن مقبلون على‬         ‫جاء جيل الثمانينيات فكتب في‬
‫شخوصها وخشبتها وديكوراتها‬           ‫ما اتسمت به هذه المسرحية من‬       ‫مجال هذا المسرح د‪.‬مشهور فواز‪،‬‬
                                                          ‫مواقف‪.‬‬
     ‫وموسيقاها إلى ما يمكن أن‬
 ‫نطلق عليه استدعاء الشخصيات‬
 ‫التاريخية‪ ،‬مع الاعتبار لأستاذنا‬
   293   294   295   296   297   298   299   300   301   302