Page 58 - merit 49
P. 58

‫العـدد ‪49‬‬                                  ‫‪56‬‬

                                                                                ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

‫أسامة الحداد‬

‫لا أريد شم ًسا في حقيبتي‬

‫توزيع صور المطلوبين للعدالة يمنحهم شهرة هائلة‪،‬‬        ‫كنت أفكر في استبدال اسمي‪ ،‬وإطلاق ظلي في مدينة‬
   ‫وانتظار قطار تأخر أيا ًما قليلة؛ يؤكد أن هناك ما‬     ‫بعيدة لا أعرفها‪ ،‬وترتيب أولويات ضرورية ج ًّدا‪،‬‬
                                                        ‫أولها اختطاف لوحة من المتحف‪ ،‬وجدت صورتي‬
 ‫يجب الانتقال من أجله‪ ،‬وأن أزمنة جديدة تقف على‬
‫الجانب الآخر تنتظر استهلاكها في رواية أو نسيانها‬      ‫داخلها‪ ،‬ومنح بطاقتي إلى شحاذ والتبرع بأعضائي‬
                                                            ‫بشرط التعرف على من يحصلون عليها مث ًل‪:‬‬
                           ‫تماما كما أحاول الآن‪.‬‬
                                             ‫‪...‬‬     ‫كيف يشاهد طفل كفيف بعين َّي أو يحب مس ٌّن بقلبي‬
                                                         ‫وتتحرك ساق َّي بجسد لص وتدق أصابعي فوق‬
    ‫لا أريد شم ًسا في حقيبتي‪ ،‬أو العمل لدى بائعي‬
  ‫الذكريات‪ ..‬أصدقائي ذهبوا‪ ،‬بعضهم عاش سنتين‬            ‫مفاتيح بيانو؟ وسأكون سعي ًدا باستخدام عضوي‬
 ‫ينبح في حارة وآخر صار صندوق شاحنة‪ ،‬والمؤلم‬              ‫في مضاجعة زوجة جاري أو فمي في قبلة لممثلة‬
  ‫أن أحدهم صار طائ ًرا ذبحته بيد َّي‪ ،‬أنا القادم من‬     ‫شهيرة‪ ،‬والاستماع إلى صوتي هاد ًرا من شخص‬

      ‫حقل للعظام‪ ،‬كنت أختار الملابس للساكنين في‬       ‫أكره ملامحه‪ ،‬في الحقيقة كنت أود أم ًرا آخر‪ :‬زراعة‬
 ‫البراويز عشت معهم قلي ًل إلى أن قفزت من جريدة‬       ‫أصابعي في مزهرية ورأسي مكان مصباح في عمود‬
                                                       ‫للإنارة وعين َّي في كاميرا مراقبة وقدم َّي في تسديد‬
     ‫رأيت صورتي في منتصفها وكان لي اسم آخر‪.‬‬
‫لماذا أحكي عن طفولتي وأشد على يد تقفز في الهواء؟‬       ‫ركلة جزاء حاسمة أو التحول إلى سرب من طيور‬
                                                                                             ‫مهاجرة‪.‬‬
      ‫أترك صوتي للأناشيد قبيل البحث عنه في فم‬
                      ‫خرساء بعد أن نسيته تما ًما‬       ‫نعم أريد حف ًل تنكر ًّيا أجرب داخله مغامرة غرامية‬
                                                         ‫وأش ُّد ضفيرة جارتي كما كنت أفعل فوق سطح‬
   ‫لم أخبركم بحادث ضياع أذني وهو أمر لست في‬
‫حاجة إلى الحديث عنه خاصة وقد نجحت مساومتي‬              ‫البيت أو أمارس لعبة الكراسي الموسيقية‪ ،‬وأنفجر‬
‫وقايضت أحدهم عن أذنيه‪ ،‬كانتا مليئتين بالضجيج‪.‬‬                               ‫ضاح ًكا كلما سقط أحدهم‪.‬‬

              ‫أنا الآن على موعد وسأترككم قلي ًل‪..‬‬    ‫الألعاب ليست ساذجة والأفكار الغريبة تتحقق كثي ًرا‬
 ‫هل هناك ما يمنع من ترك القصيدة قلي ًل والذهاب‬       ‫والتحول إلى حيوانات حدث من قبل‪ ،‬ومرور شخص‬
  ‫إلي السوق مث ًل؟ ما المشكلة في وجودها وحيدة في‬
                                                       ‫يحمل باب بيت لا يعرفه بداية مدينة من الجوعى‪،‬‬
   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63