Page 8 - merit 49
P. 8

‫العـدد ‪49‬‬                                       ‫‪6‬‬

                                                ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

   ‫الأرض نتيجة الضربات الأمنية التي تلقتها‬         ‫حدوث تحرك شعبي كبير‪ ،‬لدرجة أن ثلاثة‬
  ‫الجماعة وقواعدها منذ ‪ 3‬يوليو ‪ 2013‬حتى‬          ‫من مقدمي البرامج في القنوات المناهضة وعلى‬
  ‫الآن‪ ،‬وهي ضربات موجعة بالفعل لدرجة أن‬           ‫اليوتيوب‪ ،‬خرجوا –في اللحظة نفسها‪ ،‬الثامنة‬
‫بعض المحسوبين على التيار المدني يستهجنون‬         ‫مساء الخميس ‪ 10‬نوفمبر‪ -‬بـ(خطة) للتحرك‬
                                                 ‫فيها استباق للأمن‪ ،‬وتهدف إلى شل الشوارع‬
       ‫قسوتها‪ ..‬وأتصور أن هذا غير حقيقي‪،‬‬          ‫بتكدس السيارات حول الميادين الرئيسية في‬
   ‫فالذي يقرأ تاريخ الجماعة يعرف أنها تلجأ‬        ‫القاهرة والمحافظات‪ ،‬لكي يفصلوا بين قوات‬
   ‫للاختباء والسكون والصمت وقت الأزمات‬
 ‫إلى أن تتغير الظروف‪ ،‬حتى لا تتضرر بشكل‬             ‫الأمن والمتظاهرين‪ ،‬أو –على الأقل‪ -‬يجعلوا‬
                                                 ‫المواجهة بين الطرفين –إن حدثت‪ -‬تميل لكفة‬
     ‫يؤثر على بنيتها الأساسية‪ ..‬حدث هذا في‬
 ‫خمسينيات وستينيات القرن الماضي في فترة‬                                        ‫المتظاهرين!‬
‫خلافها الكبير مع جمال عبد الناصر‪ ،‬حيث ظن‬            ‫بالرغم من كل هذا الجهد في تحفيز الناس‬
                                                     ‫ورسم الخطة‪ ،‬وتوقيت إعلانها‪ ،‬فإن أح ًدا‬
   ‫كثيرون أنها ماتت‪ ،‬فإذا بها تخرج في بداية‬         ‫لم يستجب‪ ،‬وكانت الشوارع فارغة تما ًما‪،‬‬
  ‫حكم الرئيس السادات‪ ،‬وتسيطر على مجالس‬           ‫الأمر الذي أصاب هؤلاء الإعلاميين بالاكتئاب‬
  ‫إدارات اتحادات الطلاب والنوادي والنقابات‬      ‫واحتجب بعضهم –لفترة‪ -‬لكننا يجب أن نعود‬
                                                ‫للسؤال المهم‪ :‬لمن كانوا يوجهون خطابهم إذ ْن؟‬
   ‫والجمعيات والاتحادات‪ ،‬في زمن قليل ج ًّدا‪.‬‬
‫إذا سلمنا بهذا الاستنتاج (أن القواعد موجودة‬            ‫المفروض والشائع أن لجماعة الإخوان‬
 ‫لكن لم تصلها أوامر من القيادة) سنكون أمام‬         ‫المسلمين أنصا ًرا بعشرات الآلاف في مصر‪،‬‬

   ‫واحدة من أسوأ صفات هذه الجماعة‪ ،‬وهي‬               ‫في المحافظات كافة‪ ،‬والمنطق البسيط يقول‬
   ‫الانتهازية‪ ،‬حيث تراقب من الخلف‪ ،‬وتجعل‬          ‫إن هؤلاء الإعلاميين يوجهون خطابهم إليهم‬
   ‫الآخرين يدفعون ثمن (الطلعة) الأولى‪ ،‬فإذا‬        ‫بالأساس على أمل أن يجذبوا إليهم نفر من‬
 ‫سارت الأمور كما يحبون انضموا إلى الحراك‬        ‫هنا وهناك‪ ،‬وقد قال ذلك أحدهم صراحة‪ ،‬قال‬
   ‫وركبوه كما فعلوا في ‪ 25‬يناير ‪ ،2011‬وإذا‬        ‫إن الأمر يحتاج إلى النزول والتمسك بالمواقع‬
  ‫فشل يكونون في أمان‪ ،‬أو –على الأقل‪ -‬يكون‬        ‫لعدة ساعات وتلقي ضربات الأمن‪ ،‬مما يغري‬
 ‫غالبيتهم في أمان‪ ،‬لا يضار منهم إلا نفر قليل‬     ‫المترددين بالنزول‪ ،‬وقال –حرفيًّا‪ -‬إنه لا يفعل‬
 ‫تعرفهم أجهزة الأمن وتقبض عليهم احتراز ًّيا‪،‬‬
                                                                   ‫ذلك إلا عناصر الإخوان!‬
                    ‫شاركوا أو لم يشاركوا!‬           ‫طيب‪ ..‬إذا كانت الظروف مهيَّأة من وجهة‬
  ‫على أي حال‪ ..‬أتصور أن فراغ الشوارع بهذا‬            ‫نظرهم –كما أوضحت في النقاط الثلاث‪،-‬‬
   ‫الشكل الغريب يوم ‪ 11‬نوفمبر ‪ 2022‬يمثل‬              ‫وكان الخطاب موج ًها لعناصر الإخوان –‬
  ‫در ًسا كبي ًرا للطرفين م ًعا‪ :‬فالسلطة يجب أن‬     ‫الذين يقدرون بعشرات الآلاف في العاصمة‬
‫تفهم رسالة البقاء في البيوت بالنسبة لشعب لم‬
‫يبق في البيوت وقت وباء كورونا الفتاك‪ ،‬عليها‬             ‫والمحافظات‪ ،-‬فلماذا لم يستجب أحد؟‬
 ‫أن تقرأ بعناية وتصلح ما يجب إصلاحه‪ ،‬لأن‬                    ‫يمكن هنا أن أستنتج أحد أمرين‪:‬‬
  ‫الغيظ المكبوت قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر‬
                                                     ‫الأول‪ :‬أن الإعلام الذي يحسب نفسه على‬
    ‫في أية لحظة في وجه أي أحد‪ ..‬والجماعة –‬      ‫جماعة الإخوان‪ ،‬لا تتعامل معه قيادات الجماعة‬
   ‫من ناحية أخرى‪ -‬يجب أن تدرك أن الناس‬           ‫بشكل تنظيمي‪ ،‬بمعنى أنهم لا ينسقون معهم‪،‬‬
   ‫ما عادوا يصدقون خطابها‪ ،‬وأن المشاهدات‬
  ‫المليونية لبعض برامج اليوتيوب‪ ،‬لا يعني أن‬      ‫ولا يمنعونهم من (التجربة) في الوقت نفسه‪،‬‬
‫المشاهدين يمكن أن يكونوا (جنو ًدا) يتحركون‬       ‫وهذا يفسر أن (القواعد) لم يتحركوا بناء على‬
 ‫بالإشارة‪ ،‬فالناس تتابع هذه البرامج لأسباب‬
   ‫كثيرة‪ ،‬ليس من بينها اتخاذ اليوتيوبر قائ ًدا‬     ‫توجيهات الإعلاميين لأن أوامر مباشرة لم‬
                                                 ‫تصلهم من قياداتهم التنظيمية‪ ..‬وهذا ما أميل‬
                                  ‫ميدان ًّيا!‬
                                                                                     ‫إليه‪.‬‬
                                                  ‫والثاني‪ :‬أنه لم تعد هناك قواعد إخوانية على‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13