Page 12 - merit 49
P. 12
العـدد 49 10
يناير ٢٠٢3
زنوبيا ملكة تدمر لم تستطع ساب ًقا أن تقطعها على م ِّر الدهور.
وحقيقة الأمر أ ّن التاريخ النسوي موجود فعليًا،
لكنه محجوب كتابيًا ومضروب عليه اللثام
ومسكوت عنه لكنه ليس خرافة أو مجرد تهويل
وتهليل ولا هو تنكيل بالآخر أو تشنيع؛ وإنما هو
مطلب ما بعد حداثي كشفت عنه دراسات مفكرين
آمنوا بالنسوية ومتعلقاتها الثقافية في ظل مرحلة
كوزموبوليتية تنماز بكاريزما هي بمثابة قوة
تمنح الدارسين لهذا التاريخ سلطة فاعلة فلا يعود
التاريخ النسوي هامش الهامش .إنه تاريخ ُيضاهي
التاريخ الذكوري في قوته ومركزيته ونظامه
المهيمن .وتجاوز ما ذكره التاريخ الذكوري عن
النسوية هو ما يسعى اليه التاريخ النسوي من
خلال التعامل مع الفعل التاريخي للمرأة كفعل
مؤنث ،فيه لا تحاكي المرأة الرجل ،متأملة أن
تكون مثله في قوته الجسمانية ومحدداته التي
روج لها ودافع عنها؛ وإنما هي النسوية التي تكتب
تاريخها بنفسها بوصفها كيا ًنا له هويته الأنثوية
وخصوصيته الإنتاجية التي بها تمتلك المرأة
ذاتها كاشفة عن إنجازاتها التي تقصدت التواريخ
الرسمية أن تحجبها وتلغيها كي ُتبقي عليها كيا ًنا
ذلي ًل.
وتف ِّرق الباحثات النسويات بين التاريخ النسوي
الذي يرتبط ارتبا ًطا وثي ًقا بالسياسة النسوية
المعاصرة وبين التاريخ الذي فيه تبدو المرأة ميثا ًقا
وديباج ًة كما ترى يونيو هانام التي وجدت أن
المرأة عندما سعت إلى التساؤل حول عدم المساواة
في حياتها الخاصة ،تحولت إلى التاريخ لفهم جذور
اضطهادها ورؤية ما يمكن أن تتعلمه من التحديات
التي حدثت في الماضي إثبا ًتا لدورها الاجتماعي
في سياق تاريخي محدد ،بد ًل من النظر إليه كدور
طبيعي يمكن أن يدفع نحو التغيير(.)1
بهذا يسعى التاريخ النسوي إلى التخلي عن موقعه
هام ًشا للهامش ليكون قاد ًرا على تغيير طبيعة
التاريخ العام ليشمل النوع الاجتماعي (المؤنث)
بالاهتمام وفي مختلف جوانب التحليل التاريخي،
من خلال عدسة نسوية حاسمة تريد التغيير
وتبغي الاستقلال في التعبير عن الذات ،وتصر
على التحدي لممارسات الانضباط التاريخي