Page 17 - merit 49
P. 17
15 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
مسعد بدر
المفارقات الزمنية..
في رواية «شمال شرق»
للروائي عبد الله السلايمة
إن (السلايمة) في هذا الاسترجاع الثالث يأخذ بيدنا من طرف خفي،
بلباقة ومهارة ،إلى مفارقة زمنية مغايرة تمثل نو ًعا من (الاستباق)
التمهيدي ،أو التنبؤي؛ فإن سوابق هذه السيدة وطبيعة نشأتها وموقفها
الرافض للعنصرية ..كل ذلك ربما يكون استبا ًقا مناس ًبا لموقفها ،الذي
سيظهر لاح ًقا ،من علاقة كمال البدوي بمها المدنية ،وهو استباق يثير
رغبة المتلقي ويق ِّوي فضوله ويص ِّحح عزيمته على تتبع مسار السرد
بلهفة وشوق لا يخلوان من تط ُّلع وتوتر حول ما إذا كانت ستؤدي
دو ًرا إيجاب ًّيا في حل هذه المعضلة الاجتماعية العاطفية ،وما إذا كانت
ستفلح في مسعاها إذا سعت .هي أسئلة أثارها السرد بإتقان وأ َّجل
الإجابة؛ فحقق التشويق
تشك ًل ،وتعلل الأبنية التي يتخذها ،والطريقة التي هذه القراءة لرواية شمال شرق للكاتب في
يعالج بها موضوعاته ،واستعماله للغة»( .مندولا: عبدالله السلايمة نحاول أن نتتبع
الزمن والرواية) طريقة تناوله لقضية (الزمن) متمث ًل في
زمن القصة وزمن الخطاب: الاسترجاع أو الاسترداد الروائي.
نتحدث أو ًل عن زمن القصة وزمن الخطاب (أو المفتتح:
زمن الأحداث وزمن السرد)؛ لنرى «كيف يضع
(السلايمة) الواحد منهما في مواجهة الآخر». «الرواية تركيبة معقدة من الزمن» ،و»كل رواية
وزمن القصة هو الزمن الحقيقي أو الواقعي الذي جيدة لها نمطها الزمني وقيم الزمن الخاصة بها،
تستغرقه أحداث القصة كما حدثت في الواقع أو وتستمد أصالتها من كفاية تعبيرها عن ذلك النمط
كما تخيلها الروائي ،وهو زمن خام لم يخضع بعد وتلك القيم وإيصالها إلى القارئ .وجميع طرائق
للتشكيل الفني؛ فهو يتوافق في حجمه وسرعته
وبطئه مع الزمن الحقيقي الواقعي؛ فأحداث بعض القصة وأدواتها تنتهي ،في التحليل الأخير ،إلى
القصص قد تستغرق عشرات السنين ،أو سنوات المعالجة التي توليها لقيم الزمن وسلاسل الزمن،
قليلة ،أو شهو ًرا أو أيا ًما ،أو لحظة قصيرة يصنع وكيف تضع الواحدة في مواجهة الأخرى .والأهمية
الفنية لهذه القيم متفاوتة ،ولكنها عند اجتماعها
تكيّف العمل الكلي لهذا الفن الذي هو أكثر الفنون