Page 14 - merit 49
P. 14

‫العـدد ‪49‬‬   ‫‪12‬‬

                                                            ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

       ‫النسوي من إزاحة الحجاب ممي ًطا اللثام عن مسيرة‬             ‫والخواء والنضوب هو ما تؤوب إليه نضارته‬
         ‫الأنوثة‪ ،‬مغاد ًرا موقعه هام ًشا للهامش‪ ،‬فسيترتب‬       ‫ورونقه‪ ،‬وهكذا وصلت إلينا وقائع وسير حواها‬
           ‫على ذلك تعديه مسائل‪ ‬الجنوسة إلى مسائل أعم‬         ‫التاريخ الرسمي عن نساء بدأن مؤثرات بسحرهن‬
          ‫منها إعادة تفسير تاريخ الأنوثة بطريقة متوازنة‬
        ‫ومنطقية تربط الجسد بموضوعات الأخلاق واللغة‬                  ‫وعنفوانهن في صورة ملكات حكمن شعو ًبا‬
         ‫والرمز والأسطرة ومحدداتها الوصفية والعقلية‪.‬‬              ‫واستطعن بناء دول مثل سميراميس وزنوبيا‬
        ‫ولو افترضنا جد ًل أن التاريخ الذكوري أرخ للعام‬         ‫وكليوباترا‪ ،‬لكنهن سرعان ما اعتراهن النقصان‬
           ‫النسوي وطبقاته الدنيا المنتمية للقاع الدستوبي‬        ‫والتشويه فتحولن من الجمال إلى الدمامة‪ ،‬ومن‬
           ‫كشخصية امرأة عصامية هي واحدة من عموم‬                ‫القيادة إلى الانقياد‪ ،‬وهو ما تريده الثقافة الأبوية‬
         ‫نسوي يكابد لظى العيش لكنه يقوم بوظائفه فر ًدا‬           ‫أعني أن يكون الجسد بعدا محوريا يتم توجيه‬
          ‫في مجتمع يريد أن يعيش بسلام وشرف لما كان‬              ‫الاحداث بموجبه‪ .‬وأن تظل الجسدية هي رديفة‬
             ‫ذلك في صالح الأبوية‪ ،‬لأن هذا النموذج العام‬      ‫الأنثوية وأساس وجود النسوية كي تترسخ فكرة‬
         ‫سيؤثر على هيمنتها النخبوية والأحادية مستقب ًل‪.‬‬
           ‫ولا خلاف أن الاستراتيجية التي اتبعها التاريخ‬                                ‫أن المرأة كيان ناقص‪.‬‬
                                                                ‫ولقد توسع النظام الذكوري في نظرته المزدرية‬
       ‫الرسمي في توثيق دور المرأة كانت قد اقتصرت على‬
        ‫نفر محدود من النساء الاستثنائيات ِعرقا أو منزلة‬              ‫للنساء بد ًءا من عصور العبودية إلى عصر‬
        ‫أو عم ًل أو زعامة(‪ ،)3‬بينما لم تتم التأرخة للنسوية‬   ‫الرأسمالية حتى تجاوز التاريخ والفلسفة إلى اللغة‬

‫الملكة كليوباترا‬                                                ‫واللاهوت والسياسة والقضاء متغلغ ًل بطريقة‬
                                                            ‫راديكالية صارمة وغاشمة‪ ،‬مستلبًا من المرأة سمتها‬

                                                               ‫الأمومية ومعناها اللاهوتي‪ ،‬م ِح ًّل محلها صفتها‬
                                                               ‫الإنجابية لا بمعناها الانتاجي كمنبت للإخصاب‬

                                                                 ‫والانبعاث بل بالمعنى الاستهلاكي الذي يشوه‬
                                                                             ‫الحقيقة ويشطب بعض أصولها‪.‬‬

                                                                   ‫ومن هنا نع ُّد التاريخ المدون تاري ًخا ذكور ًّيا‪،‬‬
                                                               ‫كونه ط َّوع الكتابة لصالح الرجل بوصفه الكاتب‬
                                                              ‫والمؤرخ الذي تحكم سي ًدا ووصيًّا في تاريخ المرأة‬

                                                                 ‫التي ع َّدها موضو ًعا مكتو ًبا وتاب ًعا حسب‪ ،‬مما‬
                                                                 ‫تصدت له الدراسات النسوية ما بعد الحداثية‬
                                                                  ‫ولا سيما دراسات التابع والدراسات الثقافية‬
                                                             ‫وتناولتها نسويات مثل سبيفاك وجوليا كرستيفيا‬
                                                             ‫وليندا جين شيفرد ولوسي ايجاري وإلين شوالتر‬

                                                                                                   ‫وغيرهن‪.‬‬
                                                              ‫وبرفض التاريخ النسوي الركود والاختفاء يكون‬

                                                                   ‫قد ساهم في خرق الركون ونفض الإسكات‬
                                                                     ‫عن المرأة كقيمة ثقافية تتجرد من ماديات‬
                                                                     ‫الجسد‪ ،‬وفي الوقت نفسه تستعيد صفات‬
                                                                       ‫كانت التابعية قد محتها مؤكدة توازيها‬
                                                                            ‫التجريدي الرمزي مع الآخر‪ ،‬وبما‬
                                                                             ‫يجعل الشراكة والتواصل فعلين‬
                                                                          ‫يتعديان ما هو دنيوي ومادي إلى ما‬
                                                                         ‫هو ميتافيزيقي‪ .‬وإذا ما تمكن التاريخ‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19