Page 10 - merit 49
P. 10
العـدد 49 8
يناير ٢٠٢3
د.نادية هناوي
(العراق)
نحو كتابة تاريخ نسوي
خاص بهن
التاريخ الرسمي تعامل مع المرأة تعام ًل سلب ًّيا يحصر الصوت المؤنث
في فكرة الدونية والنقصان ،وهو ما بقي راس ًخا على مر التاريخ
حار ًما المرأة من أحقية أن يكون لها تاريخها الخاص الذي يتعدى في
موضوعاته حدود الجسد وسحره الإغرائي إلى الفكر وقيمه المعرفية.
وإذا كنا نجد في التاريخ العام العربي والإسلامي للمرأة بعض
الحضور؛ فإنه في الحقيقة لا يماثل حضورها في التاريخ الشفاهي
الشعبي والمحكي الذي فيه المرأة فاعلة على مستويي الحكي والتلقي
وبالشكل الذي قد يقارب مستوى الطموح في التمركز والفاعلية على
الصعيد الإنتاجي.
أنسا ًقا تضغط بعلنية على كينونة المرأة ازدرا ًء النسوي Feminist Historyفرع معرفي التاريخ
لأنوثتها ..وما دامت هويتها رهنًا بالذكورية فلا من فروع دراسة التاريخ ،لطالما قوبل
أهمية لها سوى جسدها الذي سيذوي مع ذواء
جمالها ،ومن ثم لا نفع من أن يكون للمرأة تاريخها بالتغييب و ُحكم عليه بالإهمال والازدراء
حتى أصبح نسيًا منسيًّا من منسيات
الخاص.
وهذا الإجحاف الذكوري بحق المرأة هو الذي صيَّر النظام البطريركي الذي أحاط هذا التاريخ
بالكتمان ،وضرب حوله الستور فظل
تاريخها مقمو ًعا .عل ًما أن المرأة ليست وحدها
المقموع الذي ينطبق عليه هذا الحكم التاريخي؛ محجو ًرا وممنو ًعا من البروز طيلة عهود
بل ينضم إليها الذكور الذين استضعفهم ذكور التاريخ البشري الذي ه َّمش الطبيعة النسوية
آخرون وتعاملوا معهم بدونية إ َّما لأنهم يختلفون
عنهم عرقيًّا وعقائد ًّيا أو لانهم ينحدرون من أقليات وأبعادها الأنثوية ،متبنيًا فلسفة الطمر والطمس،
منبوذة أو لأنهم ينتمون إلى ميادين ومسارات مساي ًرا بروتوكلات الإبادة ومعتم ًدا سياسات
وإثنيات فرعية لا يعترف التاريخ الرسمي بها،
الإمحاء والشطب وبغيته جعل البعد القيمي والثقافي
وبسببها يعاملهم كمستضعفين ومقموعين للمرأة متوار ًيا إلى الأبد ،ولهذا غدت المرأة هي
ومهزومين ومهمشين وفائضين لا جدوى منهم، المسكوت عنه الأول في التاريخ.
فلم يوثق لهم ولم يعطهم مكا ًنا في صفحاته وإذا كانت الشخصية التي يكتب عنها المؤرخون
الرسمية إلا لماما. نسوية؛ فإن التاريخ لن يكون موصو ًفا بأنه نسوي
لأن الذي قام بالتدوين الرجل وليس المرأة كفعل
ذكوري يستضعف النسوية غار ًسا في الثقافة