Page 7 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 7

‫افتتاحية ‪5‬‬

‫المصرية عام ‪ ،1959‬والذي لا يزال الباحثون‬           ‫وعلم النفس في مقدمتها‪ ،‬والأخير يحاول‬
                ‫يستفيدون منه حتى اليوم‪.‬‬             ‫دراسة الحالة النفسية للكاتب أو الشاعر‬
                                                   ‫والفنان ومدى تأثيرها على الإبداع نفسه‪،‬‬
  ‫غير كتابه التأسيسي هذا‪ ،‬أصدر مصطفى‬               ‫وقد نحا النقد هذا المنحى بعد الاكتشافات‬
       ‫سويف مجموعة من الكتب‪“ :‬الأسس‬                 ‫التي أعلن عنها سيجموند فريد (‪ 6‬مايو‬
                                                    ‫‪ 23 -1856‬سبتمبر ‪ )1939‬نهاية القرن‬
 ‫النفسية للتكامل الاجتماعي‪ :‬دراسة ارتقائية‬        ‫التاسع عشر بداية القرن العشرين‪ .‬وطب ًعا‬
‫تحليلية”‪“ ،‬نحن والعلوم الإنسانية”‪“ ،‬مقدمة‬        ‫هناك اتجاهات أخرى كثيرة ليس هنا مجال‬

       ‫لعلم النفس الاجتماعي”‪“ ،‬علم النفس‬                                         ‫تعدادها‪.‬‬
  ‫الحديث”‪“ ،‬التطرف كأسلوب للاستجابة”‪،‬‬              ‫وعلى الرغم من الجهود المتعددة المحمودة‬
‫“مصر الحاضر والمستقبل”‪“ ،‬مشكلة تعاطى‬                ‫التي يقوم بها بعض أساتذة اللغة والنقد‬

      ‫المخدرات بنظرة علمية”‪“ ،‬علم النفس‪:‬‬               ‫الذين ينطقون بالعربية ويكتبون بها؛‬
   ‫دراسات نظرية وبحوث أمبريقية عملية”‪،‬‬            ‫لإيجاد رابط بين تلك النظريات الأدبية وما‬
 ‫“دراسات نفسية في الإبداع والتلقي”‪“ ،‬علم‬           ‫وصلنا من التراث المكتوب باللغة العربية‪،‬‬

     ‫النفس العيادي”‪“ ،‬مسيرتى ومصر‪ :‬في‬                 ‫فإنه من نافل القول الاعتراف بأن كل‬
 ‫دروب القرن العشرين”‪“ ،‬نحن والمستقبل”‪،‬‬              ‫المدارس النقدية ونظرياتها الحديثة تنشأ‬
                                                   ‫في الغرب‪ ،‬ثم تأتينا لنستهلكها‪ ،‬وقلي ًل ما‬
    ‫“حوارات ورسائل”‪“ ،‬مشكلات منهجية‬                 ‫نطرح عليها أسئلتنا التي تناسب بيئاتنا‪،‬‬
   ‫في بحوث علم النفس العيادى”‪“ ،‬من بعيد‬            ‫بل إننا نقاوم هذه النظريات بطرق شتَّى‪،‬‬
‫ومن قريب”‪“ ،‬علم النفس‪ :‬فلسفته وحاضره‬             ‫منها القول إنها متعاظلة لا يفهمها العاديون‬
                                                   ‫(باعتبار أنهم يقرؤون الأدب أسا ًسا!)‪ ،‬أو‬
     ‫ومستقبله ككيان اجتماعي”‪“ ،‬المخدرات‬             ‫أن يحاول البعض إحياء (كلام) قديم في‬
                               ‫والمجتمع”‪.‬‬           ‫سبيل ما يسمونه (نظرية النقد العربية)‪،‬‬
                                                   ‫وهي آراء لطيفة لا شك‪ ،‬لكنها تسير ضد‬
    ‫ولأن سيجموند فرويد كان طبيبًا نفسيًّا‬       ‫اتجاه الحضارة‪ ،‬بد ًل من استيعابها ومحاولة‬
     ‫بالأساس‪ ،‬وبالتالي فاكتشافاته مرتبطة‬
   ‫بحالات نفسية تصدى لعلاجها في الواقع‪،‬‬                                    ‫الإضافة إليها‪.‬‬
  ‫فإن علم نفس الأدب ارتبط بالطب النفسي‬          ‫المهم‪ ..‬سيبرز اسم الدكتور مصطفى سويف‬
    ‫وبالفلسفة وعلم النفس‪ ،‬ولهذا سنجد أن‬          ‫(‪ 17‬يوليو ‪ 27 -1924‬يونيو ‪ )2016‬كرائد‬
 ‫مصطفى سويف بعد حصوله على الدكتوراه‬              ‫لعلم نفس الأدب في الاجتهاد المكتوب باللغة‬
‫من جامعة القاهرة‪ ،‬اتجه للحصول على دبلوم‬
 ‫علم النفس الإكلينيكي من جامعة لندن‪ ،‬وهو‬          ‫العربية‪ ،‬وسيظل مرج ًعا مه ًّما بالنسبة لكل‬
‫ما أ َّهله ليكون أستا ًذا بقسم علم النفس بكلية‬   ‫الكتابات اللاحقة عليه‪ ،‬كما لا ُتن َكر أستاذيته‬
  ‫الآداب‪ ،‬ثم رئيس قسم الدراسات الفلسفية‬
 ‫والنفسية بالكلية‪ ،‬ثم أسس قسم علم النفس‬              ‫لأجيال تلته‪ ،‬سواء من تتلمذوا على يديه‬
  ‫ليكون أول رئيس له‪ ،‬ثم باحثًا زائ ًرا بمعهد‬     ‫بشكل مباشر‪ ،‬أو أولئك الذين استفادوا من‬
  ‫الطب النفسي بجامعة لندن‪ ،‬وأستا ًذا زائ ًرا‬     ‫جهده الطليعي المبكر‪ ،‬وهو غزير‪ ،‬فالأبحاث‬
     ‫بجامعة لند بالسويد‪ ،‬كما رأس الجمعية‬        ‫والكتب التي قدمها الراحل الكبير لا تزال على‬
‫المصرية للدراسات النفسية‪ ،‬وأسس أكاديمية‬          ‫قمة المباحث المهتمة بعلم نفس الأدب‪- ،‬وإن‬
 ‫الفنون المصرية وكان أول رئيس لها‪ ،‬وليس‬         ‫كان جهد تلامذته غير منكور‪ -‬خاصة كتابه‬
       ‫بعي ًدا عن ذلك عمله في مراكز البحوث‬       ‫العمدة «الأسس النفسية للإبداع الفني‪ -‬في‬
  ‫الخاصة بمكافحة تعاطي المخدرات والعلاج‬          ‫الشعر خاصة»‪ ،‬الذي صدر عن دار المعارف‬

                     ‫من تأثيراتها النفسية‪.‬‬
  ‫وإذا كان مصطفى سويف قد اهتم بالشعر‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12