Page 8 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 8
العـدد 33 6
سبتمبر ٢٠٢1
لكن الملاحظ أن اجتهادات مصطفى سويف (خاص ًة) -كما في عنوان كتابه العمدة ،-فإن
العظيمة غير معروفة بحجمها الحقيقي تلامذته اهتموا بالسرد ،فنجد أن شاكر عبد
الحميد قد استعار عنوانه كتابه ،مع استبدال
لدى الأجيال الجديدة من النقاد والباحثين
والأدباء والشعراء ،بل لدى كثير من القصة القصيرة بالشعر «الأسس النفسية
للإبداع الأدبي في القصة القصيرة خاصة”
الأكاديميين كذلك ،وفي تقديري أن ذلك وهو كتابه الصادر عن الهيئة المصرية العامة
يرجع لسببين :الأول أن ثمة انقطا ًعا بين للكتاب عام ،1993كما تعكس عناوين كتبه
أجيال النقاد الذين يكتبون باللغة العربية اهتمامه بدراسة علم نفس الأدب والفن في
غيَّب إنجاز كثيرين ،خصو ًصا ممن اشتغلوا شتى مجالات الإبداع من ناحية ،والاهتمام
في منتصف القرن العشرين مثل مصطفى بالموضوعات الاجتماعية والنفسية وارتباطها
ناصف ومصطفى سويف وشكري عياد..
وغيرهم ،والثاني أن اتصال كثيرين من بالمخدرات والجنون من ناحية أخرى ،مع
ملاحظة التطبيق على بعض دول الخليج
الباحثين والدارسين الجدد بما ينتج في التي عاش قس ًما من حياته فيها ،مثل“ :في
النظرية الأدبية الغربية وأساتذتها ،جعلهم علم النفس العام”“ ،دراسات نفسية في
لا يلتفتون كثي ًرا لأساتذتهم وزملائهم الذين التذوق الفنى” وهو كتاب يشتمل على ستة
يكتبون باللغة العربية ،بل إن كثيرين منهم أبحاث حول تذوق الأدب وتذوق الفنون
يعتقدون أن ُج َّل الإنتاج النقدي الحديث يغلب التشكيلية« ،الآثار السيئة للمخدرات من
عليه الترجمة أكثر من التأليف ،لذلك يذهبون الناحية العلمية”“ ،الأدب والجنون”“ ،الفن
إلى (الأصل) مباشرة ،عو ًضا عما يعتقدون والغرابة”“ ،الغرابة ..المفهوم وتجلياته
أنه تضييع للوقت حين يلتفتون إلى الصورة في الأدب”“ ،التفسير النفسي للتطرف
والإرهاب”“ ،مدخل إلى الدراسة النفسية
المنقولة بتصرف قد يؤدي إلى التشوش! للأدب” ..وغيرها .ولا يغيب عن متابع هذه
لذلك نجد تردد أسماء ومقولات جيرار القائمة أن شاكر عبد الحميد اهتم بدراسة
جينيت وجاك لاكان ورولان بارت ورومان اللوحة والصورة بالقدر نفسه الذي اهتم به
جاكوبسون وجوليا كريستيفا وميخائيل بالرواية والقصة القصيرة والقصيدة -كما
باختين وميشيل فوكو ..إلخ أكثر مئات في كتابه الأخير “الحلم والكيمياء والكتابة-
المرات من تردد أسماء نقاد يكتبون بالعربية في عالم محمد عفيفي مطر” الذي صدر عام
قدي ًما وحديثًا. 2017عن دار بتانة للنشر والتوزيع.
الملاحظة الأخرى التي لا أستطيع تجاوزها والواقع أن شاكر عبد الحميد يعد أظهر
هي ضعف الدراسات النفسية الحديثة ،إذا تلاميذ مصطفى سويف وأنجبهم ،فغير
ما قورنت بإنتاج مصطفى سويف وتلامذته
الأوائل من ناحية ،وبالمنتج النقدي الغربي أنه كان -يرحمه الله -غزير الإنتاج
مخل ًصا لأبحاثه ،فإنه كان متاب ًعا جيِّ ًدا
الآني من ناحية أخرى ،وهو ما يستدعي للإنتاج الأدبي الحديث ،في الشعر والقصة
التوقف أمامه طوي ًل ،لأنه -في ظني -يرتبط القصيرة والرواية ،ومشار ًكا بفعالية في
بحال البحث العلمي والدراسات الأكاديمية في الملتقيات والمؤتمرات والندوات العلمية دون
جامعاتنا عمو ًما ،فناد ًرا ما نتوقف أمام بحث اشتراطات ،ومهما كان شكل المكان وعدد
جديد ،كما أظن أن اللجان العلمية تتساهل كثي ًرا مرتاديه ،وهو ما يشير إلى إخلاصه للعلم
في منح الدرجات ،وهو ما أ َّثر سلبًا على كل ومحاولاته الدؤوب لمواكبة الأجيال الجديدة
شيء ،وليس على الدراسات النفسية فقط وشطحاتها.