Page 39 - مجلة ثقافة قانونية - العدد الثالث
P. 39

‫تحرص مجلة « ثقافة قانونية « على إتاحة الفرصة للشباب للتعبير عن رؤاهم بأقلامهم‬
                                                      ‫الوطنية بوصفهم المستقبل الواعد لمصر الكنانة ‪.‬‬

            ‫ومن ثم ؛ تقدم الباحثة المجتهدة آية عبد الهادى فى هذا المقال قراءة موضوعية فى كتاب‬
                                        ‫«شخصية مصر « للعظيمة الراحلة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد‬

            ‫والتى تكتب عن مصر بوعى صادق‪ ،‬وقلب عاشق‪ ،‬وأسلوب آسر‪ ،‬فتثير عن الوطن قضايا بالغة‬
            ‫الأهمية‪ ،‬وتصلح مفاهيم شائعة‪ ..،‬تصف بصدق وأمانة الحالة المصرية فى كل عصر وكل أزمة‪،‬‬
            ‫فيكشف الكتاب ظلام العقل والقلب لنعى أن مصرنا حي ٌة لا تموت مهما تكالبت عليها نوائب الدهر‪.‬‬
            ‫وقد صدرت من الكتاب عدة طبعات لعل أهمها طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب عام ‪1989‬‬

                                                                      ‫وطبعة دار نهضة مصر عام ‪.2014‬‬

            ‫أهمية الوحدة الوطنية وجعلتهم نسيج واحد عرفوا أن‬

            ‫يجمعوا أنفسهم جميعا حول مركز لا فرد فحسب‪،‬‬

            ‫‏فقد أتاحت الزراعة لمصر أن تتعلم الكثير وأباحت‬

            ‫لمصر أن تشهد الصبح إذا تنفس فتسعد بيوم جديد‬

            ‫مملوء بالرزق والسعة والبركة وهو ما يجعل من مصر‬

            ‫فى كل العصور إذا أرادت أن تعود إلى خضارها‬

            ‫وازدهارها أن تعود إلى طبيعتها الزراعية‪.‬‬

            ‫‏ولعل أخطر سلبيات العصر الحديث هو‬

            ‫تركيز الإصلاح فى المدينة دون الريف مما‬

            ‫جعل المدينة تصرخ من هجرة الريف إليها‬

            ‫لذا فلا سبيل إلى رفع الريف إلا بعقد‬

            ‫صلة وثيقة معه وتبنى إصلاحه لكى تعود‬

            ‫لمصر حضارتها الزراعية وأوج ازدهارها‪.‬‬

            ‫علمت الزراعة المصرى كيف يصنع‪:‬‬

            ‫قـادت الـزراعـة المصرى القديم إلى‬

            ‫ابتكار الأدوات التى تساعده فى الزراعة‬

            ‫كالفأس والمنجل والـشـادوف‪ ،‬وهـو ما‬

            ‫قاده إلى الإبداع فى الصناعات الأخرى‬

            ‫كالصباغة والدباغة وصنع الأثـاث من‬

            ‫شجرة الـتـوت والـبـنـدق‪ ،‬كما استخدم‬

            ‫المـصـريـن شـجـرة الجـمـيـز فــى عـاج‬

            ‫بعض الأمـراض الجلدية‪ ،‬واستخرجوا‬

            ‫من بعض الـزيـوت والنباتات المركبات‬

            ‫العطرية والمركبات الطبية والعلاجية‬

            ‫وكذا صناعة النسيج المصرى والأعمال‬

            ‫اليدوية والتطريز على الكتان ‪.‬‬

            ‫‏وأبــــدع الجـيـش المــصــرى أيـضـا فى‬

            ‫الصناعات العسكرية فقاموا بصناعة‬

            ‫أقدم سلاح مصنوع من المعدن (النصل‬

            ‫العريض المثلث الشكل )وتطورت بعد ذلك‬

            ‫إلى صناعة الحربة والدبوس المدبب‪.‬‬

                  ‫مصر أسلوب حضاري‬
                ‫مجتمع متحضرمتسامح‪:‬‬
            ‫‏تشكل فلسفة مصر أربعة عناصر تعد‬

            ‫هى عناصر الحضارة المصرية وفى نفس‬

            ‫الوقت عناصر الشخصية المصرية ألا وهى النور‬

            ‫السماء الماء الحجر لتترابط تلك العناصر مكونة‬

‫يوليو ‪2024‬‬  ‫الشخصية المصرية التى يمثل فيها النور دور وأهمية‬   ‫عين الله ونسميه نحن كنانة الله ولا زال المصريون‬                    ‫تكوين مصر‬
            ‫العلم وتشكل السماء دلالة على قدرة المصرى على‬      ‫يعتبره من يعطى الحياة للبلاد ويجمع شمل العباد‪.‬‬                        ‫النيل‪:‬‬
            ‫مواكبة العصور والتطور لتنساب تلك الشخصية كالماء‬
            ‫مع جميع المتغيرات وتتشكل كى تتعامل مع ما يطرأ‬                 ‫الانسان والمكان ( مصر والزراعة)‪:‬‬        ‫‏حقا مصر هبة النيل والمصريين ولا ادل على ذلك‬
            ‫عليها من تطورات‪ ،‬كما تعلمت مصر من الحجر‬           ‫منذ العصر الحجرى الحديث وكان أهل بنى سلامة‬          ‫مما يبعثه النيل فى نفوس المصريين من عظيم الأثر‬
            ‫الصبر فينتفى عنها الضعف ويتأكد العزم الذى يظهر‬    ‫والفيوم أول زراع فى التاريخ وقد تعلم المصرى من‬      ‫فهو بالنسبة لهم يحيى الأنفس والثمرات‪ ،‬فتارة ترتوى‬
                                                              ‫الزراعة التركيز على الاهداف والثبات فى التقلبات‬     ‫به الأرض وأخرى ترتوى به ارواحهم فلقد أثر وجود‬
                        ‫عند تعرضها للمخاطر أو اى عدوان‪.‬‬       ‫والعواصف التى تطرأ على الأرض المصرية كما زرعت‬       ‫النيل على أرض مصر دينياً‪،‬أدبياً وعلمياً واقترن‬
            ‫وقد قامت فى مصر أقدم مدينة عرفتها الدنيا‬                                                              ‫ذلك بحبهم للحياة واعتقادهم الثواب والعقاب وكذا‬
            ‫وهى مدينة طيبة والتى برزت منها البساطة التى‬                   ‫فى نفسه فكرة الاستمرار والتحدى ‪.‬‬        ‫الجنة والنار‪ ،‬كما علم النيل المصريين الدين و بأن‬
            ‫انعكست فى الفن والأدب المصرى ومنها فن المشربيات‬   ‫ومن خلال لوحة فنية جميلة تترابط فيها مصر‬
                                                              ‫والمصريين مع طبيعتها الزراعية حيث تستقى قدرتها‬                                ‫هناك يوما للحساب ‪.‬‬
                                 ‫وصناعة التماثيل الخشبية‬      ‫على الاستمرار والتغلب على المحن من الطبيعة‬          ‫وكان له فضلاً كبيراً فى حثهم على جمع الشمل‬
            ‫‏وتتباين شخصية مصر عن غيرها من دول أوروبا‬         ‫الزراعية التى تؤكد لهم دائما بأنه مهما انكسر الجزع‬  ‫والحرص على وجوب التجمع والتوحد عند خطر‬
            ‫التى يغلب عليها الصراع بينما تتسم الشخصية‬         ‫فإنه متجدد ومهما مر بتقلبات جوية وعواصف فهو‬         ‫الفيضان كما علمهم القياس والحساب ودفعهم إلى‬
            ‫المصرية بالتكامل والوحدة وهو ما يجعلها أمة واحدة‬  ‫ثابت مرتكز فى الأرض مثلما تحيا مصر وتتجدد‬           ‫اختراع القدم والذراع والنظام العشرى و أوحى لهم‬
            ‫وليست فقط دولة فالدولة تصنع من السيف فقط‬          ‫بعد كل معركة وتحدي‪ ،‬نجد أيضا تأثير الزراعة‬
            ‫اما الأمة هى جماع لثلاثة عناصر هم القانون والحق‬   ‫على طبع الإنسان المصرى الذى‏أضفت الزراعة له‬                ‫الكتابة والتلوين و به قامت صناعة الفخار‬
            ‫والخير ‪،‬وهذا التفكير هو الذى أثرى الأسرة المصرية‬  ‫اللطف وجنبت من قلبه القسوة وامتد تأثيرها الى‬        ‫كما جعل مصر قبلة لــأدب والـعـلـوم فقامت‬
            ‫فجعلها أسرة عريقة مربوطة بالعمل والعلم والسكينة‬                                                       ‫الأساطير المصرية القديمة وأهمها أسطورة ايزيس‬
                                                                     ‫الفن المصرى واختيار الالوان برؤى نباتية‪.‬‬     ‫واوزوريس وبه تعلموا الحساب والتطلع إلى السماء‬
                 ‫وأن يتولد منها الشعور بالالتزام نحو المجتمع‬  ‫‏وقد أثرت الزراعة فى استقرار المصريين عن‬            ‫ومراقبة الأفلاك وكان ولا زال المصريون يعتبرون النيل‬
            ‫‏ولا ادل على حضارة مصر من احترامها وإعزازها‬       ‫طريق متابعة المصرى الثمار حتى تنضج مما الهمهم‬       ‫اعزازاً لهم من الله سبحانه وتعالى فكان قديما يسمى‬
            ‫للمرأة فقد رفعتها إلى أعلى قممها حين جعلتها إلهه‬

‫‪39‬‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44