Page 12 - merit 51
P. 12

‫العـدد ‪51‬‬                                          ‫‪10‬‬

                                                 ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

‫د‪.‬عوض الغباري‬

‫الغزل في ديوان‬
‫الخبز أرزى(*)‬

‫يتبدى سؤال حول ما ق َّصه تاريخ الأدب من ارتجال هذا الشاعر لشعره‪،‬‬
‫وكونه لم يتلق تعلي ًما‪ ،‬وهذا السؤال هو‪ :‬كيف يتأتي لمثل هذا الشاعر‬
‫هذا الجمال الفني في صوره وموسيقاه؟ وكيف يدرك الشاعر شاعريته‬

‫(من أوصف الشعراء) وهو على الحال التي ق َّصها تاريخ الأدب مما أشرنا‬
‫إليه؟ وقد بدأ الديوان بالتصريع موش ًحا بأثره النغمي الجميل‪ ،‬وصنع‬
‫صورة لامرأة صيغت من جوهر وهبه الشاعر الحياة والرقة والنقاء‬
‫والبهاء‪ .‬وقد كساها الحسن سربا ًل من جمال تحيرت فيه الأوصاف‪.‬‬

  ‫ألفاظه‪ ،‬فذاع شعره لذلك‪ .‬كما تغنى المغنون‬             ‫لقب لافت لشاعر غير مشهور‪ ،‬قام‬                 ‫“الخبز أرزى”‬
                                                     ‫الدكتور أحمد حلمي حلوه‪ ،‬مشكو ًرا‪،‬‬
                                 ‫بشعره(‪.)1‬‬           ‫بتحقيق ديوانه الذي صدر عن الهيئة‬
                                                 ‫المصرية العامة للكتاب مؤخ ًرا في أكثر من‬
‫وافتتاح الديوان رائع‪ ،‬في غزل رقيق يعد براعة‬       ‫ألفي بيت‪ ،‬مما يعد إضافة مهمة للمكتبة‬
                                                 ‫العربية‪ .‬والخبز أرزي من شعراء العصر‬
        ‫استهلال للديوان‪ ،‬يقول الخبز أرزى‪:‬‬            ‫العباسي بين القرنين الثالث والرابع‬
                    ‫نسيم عبي ٍر في غلالة ماء‬
                                                                             ‫الهجريين‪.‬‬
                   ‫وتمثال نور في أديم هواء‬         ‫هو أبو القاسم نصر بن أحمد بن نصر‬
            ‫حكى لؤل ًؤا رطبًا ُم َغ ّشى وجوه ٍر‬    ‫بن مأمون البصرى‪ ،‬وكان خبا ًزا للأرز‬
                                                 ‫في البصرة‪ ،‬ولذلك أطلق عليه لقب «الخبز‬
                  ‫مغ َّطى ب ُق ْرطي رق ٍة وصفاء‬
                ‫لقد رحم الرحمن رقة جسمه‬                                                  ‫أرزى»‪.‬‬
                                                    ‫وكان شاع ًرا مفطو ًرا على الشعر‪ ،‬يرتجله اعتما ًدا‬
                       ‫فجلَّله من نوره برداء‬
             ‫ترى مل ًكا فى الحسن فى جبروته‬                  ‫على موهبته‪ ،‬خاصة أنه لم يتل َّق تعلي ًما‪.‬‬
                                                 ‫“وبهذه السليقة جذب إليه الناس‪ ،‬واجتمعوا حوله‪،‬‬
                ‫فمن نور نو ٍر فى ضياء ضياء‬
          ‫تسربل سربا ًل من الحسن وارتدى‬              ‫وازدحموا عليه لاستماع شعره و ُم َلحه وسعى‬
                                                    ‫الساعون لكسب مودته‪ ،‬وحفظوا كلامه لسهولة‬
                    ‫رداءي جما ٍل ُط ِّرزا ببهاء‬
             ‫تحيَّر ُت فيه لست أحسن وصفه‬
             ‫على أنني من أوصف الشعراء(‪)2‬‬

‫ويتبدى سؤال حول ما ق َّصه تاريخ الأدب من‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17