Page 15 - merit 51
P. 15

‫كيف يتأتي لمثل هذا الشاعر‬                                               ‫د‪.‬شوقي ضيف‬

         ‫هذا الجمال الفني في صوره‬                                           ‫وكذلك قوله في الحكمة‪:‬‬
                                                                               ‫إ َّن َمن د َّل على الخيـ‬
     ‫وموسيقاه؟ وكيف يدرك الشاعر‬                                                  ‫ر َك َمن قد فعله(‪)21‬‬

       ‫شاعريته (من أوصف الشعراء)‬                                  ‫ويسلك الشاعر الطريق الصعب في‬
                                                              ‫بعض القوافي النادرة في الشعر العربي‬
          ‫وهو على الحال التي ق َّصها‬                 ‫كالتاء‪ ،‬دلالة على ارتياده الآفاق الموسيقية المتمكنة‬
          ‫تاريخ الأدب مما أشرنا إليه؟‬
                                                                                ‫في مقطوعة مطلعها‪:‬‬
            ‫وقد بدأ الديوان بالتصريع‬                               ‫غصص الفرا ِق ُم ِز ْجن بالحسرات‬
                                                                    ‫وفراق من أهوى فراق حياتي(‪)22‬‬
       ‫موش ًحا بأثره النغمي الجميل‪،‬‬                  ‫ويلتقى ابن الفارض شاعر التصوف المصري مع‬
        ‫وصنع صورة لامرأة صيغت من‬                          ‫الخبز أرزي في قصيدته الجيمية‪ ،‬ومطلعها‪:‬‬

           ‫جوهر وهبه الشاعر الحياة‬                                     ‫ما بين معترك الأحداق والمهج‬
                                                                       ‫أنا القتيل بلا إثم ولا َح َرج(‪)23‬‬
               ‫والرقة والنقاء‪ ‬والبهاء‪.‬‬                    ‫حيث يقول الخبز أرزي في قصيدة مطلعها‪:‬‬
                                                                      ‫انظر إلى غنج هذا الفاتن الغنج‬
                    ‫فأنت بتشبيه الحبي ِب حبي ُب‬                     ‫تنظر إلى بهج بالطرف مبتهج(‪)24‬‬
                                       ‫وقوله‪:‬‬          ‫وفي هذه القصيدة الجميلة للخبز أرزى‪ ،‬كما في‬
                                                         ‫الكثير غيرها‪ ،‬يقترن الغزل بالطبيعة في قوله‪:‬‬
                    ‫يا لي ُل ُد ْم لي لا أريد صباحا‬                 ‫فقد ع َّطل الدر والمرجا َن مضح ُكه‬
                  ‫حسبي بوجه معانقي مصباحا‬                      ‫والورد في خج ٍل من خده ال َس ِر ِج نغني‬
                   ‫حسبي به بد ًرا وحسبي ريقه‬                            ‫بوجهك عن شمس وعن قمر‬
                                                                     ‫ونار فديك تغنينا عن ال َّس َر ِج(‪)25‬‬
                      ‫خمرا وحسبي خده تفاحا‬                ‫ومن تجليات الطبيعة في الغزل‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬قوله‪:‬‬
                     ‫حسبي مضاحكه إذا غازلته‬
                   ‫مستغينا عن كل نجم لاحا(‪)26‬‬                             ‫َف َيا ور ُد أمتِعنا بطي ٍب ولذ ٍة‬

                                    ‫كما يقول‪:‬‬
                     ‫سكرت ب ُظ ْل َم َتي ليل وشعر‬
                 ‫وعانق ُت الصباح إلى الصباح(‪)27‬‬
   ‫ويلتقي البهاء زهير في سلاسة غزله‪ ،‬وعذوبته‬
‫ورقته‪ ،‬وتعلق القلوب والعقول به في قصيدته التي‬

                                    ‫يقول منها‪:‬‬
                              ‫من اليوم تعارفنا‬
                           ‫ونطوي ما جرى منا‬
                              ‫ولا كان ولا صار‬
                              ‫ولا قلتم ولا قلنا‬
                               ‫وإن كان ولا ب َّد‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20