Page 16 - merit 51
P. 16

‫العـدد ‪51‬‬  ‫‪14‬‬

                                                      ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

                               ‫جميل للمحبوب‪.‬‬                                      ‫من العتب فبالحسنى‬
‫ومن قصيدة طويلة ترد هذه الصور الرائعة للحب‪،‬‬                                          ‫فقد قيل لنا عنكم‬
                                                                                      ‫كما قيل لكم عنا‬
                                    ‫يقول فيها‪:‬‬
                  ‫أتى زائ ًرا من غير وعد وقال لي‬                                  ‫كفى ما كان من هجر‬
                  ‫أصونك عن تعليق قلبك بالوعد‬                                        ‫وقد ذقتم وقد ذقنا‬
                 ‫فما زال نجم الكأس بيني وبينه‬                                       ‫وما أحسن أن نـر‬
                   ‫يدور بأفلاك السعادة والسعد‬
                   ‫ف َط ْو ًرا على تقبيل نرجس ناظ ٍر‬                            ‫جع للوصل كما كنا(‪)28‬‬
                ‫وطو ًرا على تعضيض تفاحة الخد‬                 ‫وهو ما أشرت إلى مثله في رقة شعر الغزل‪،‬‬

                     ‫لثم ُت ثناياها فذقت رضابها‬                         ‫وارتباطه بشخصية شاعره(‪.)29‬‬
            ‫َك َذوب نقي الثلج في خالص الشهد(‪)36‬‬                                 ‫ومثله عند الخبز أرزى‪:‬‬
   ‫فما ألذ الحب على غير وعد‪ ،‬حيث يمتزج بجمال‬                                       ‫أما تبصر دمع العيـ‬
    ‫الطبيعة ونشوة الخمر! وما أعذب هذا الرضاب‬                                      ‫ين مسكو ًبا على الخد‬
                                                                                      ‫إذا ما ن َّهد القلب‬
                ‫يترشفه شه ًدا زلا ًل بار ًدا شرابه‪.‬‬                             ‫فإن القلب يستعدي(‪)30‬‬
      ‫ويطلع القمر بطلوع الحبيب‪ ،‬ويسري في نهر‬                                       ‫سأرعاك على القرب‬
                                                                                  ‫وأرعاك على البعد(‪)31‬‬
                   ‫«دجلة» فيغشاه ربيع الحسن‪:‬‬                                             ‫وكذلك قوله‪:‬‬
                      ‫وافى مرابعه الغزال الأحور‬                                 ‫مات الحسود من الكمد‬
                        ‫وبدا لمطلعه الهلال المقمر‬                                 ‫و َّف الحبيب بما وعد‬
                       ‫أه ًل وسه ًل بالحبيب فإنه‬                                  ‫ح ّي الوصال وقل له‬
                                                                              ‫ُدم يا وصال إلى الأبد(‪)32‬‬
                   ‫بحضوره كل المحاسن تحضر‬
                  ‫ولقد تغشى ماء دجلة إذ سرى‬               ‫وآه من قسوة الحب‪ ،‬يصورها الخبز أرزي بما‬
                ‫فيها الحبيب ربيع حسن يزهر(‪)37‬‬            ‫يشيع على أفواه الناس من وصف القلب القاسي‬
      ‫وتتراءى في هذه القصيدة صور أبي تمام في‬          ‫بالقلب الحديد‪ ،‬ومن تصويره لحيرة المحب إذ يقول‪:‬‬
             ‫قصيدته الرائعة في الربيع‪ ،‬ومطلعها‪:‬‬
                 ‫ر َّقت حواشي الدهر فهي تمرمر‬                                     ‫أكتم ما ح َّل بي لأني‬
                  ‫وغدا الثرى في حليه يتك َّسر(‪)38‬‬                             ‫أخاف أن يشمت الحسود‬
‫وما أحلى هذه السعادة في جنة الحب تبدو في قوله‪:‬‬                               ‫إ ْن قل ُت أشم ُّت بي الأعادي‬
                   ‫فبتنا بليل كان من طيب عيشه‬
                ‫وتخليد ذكراه َجنى جنة الخلد(‪)39‬‬                                    ‫قال فهذا الذي أريد‬
      ‫وانظر إلى النابغة‪ ،‬وقد تبدى في قوله الرائع‪:‬‬                                ‫أو قل ُت غادر ْتني قتي ًل‬
                   ‫أبكي لشجوي ولا أبكي لمنزلة‬                                   ‫قال قتيل الهوى شهيد‬
                ‫أخنى عليه الذي أخنى على ُل َب ِد(‪)40‬‬                             ‫أشكو وأبكي فما يبالي‬
   ‫والحب هو العيد وهلاله‪ ،‬والحبيبة الوجهة التي‬
    ‫يولي الشاعر نظره إليها مجلى للحسن والجمال‬                                      ‫كأنما قلبه حديد(‪)33‬‬
                                                             ‫وكذلك يرد القول المشهور (الحب أعمى)(‪)34‬‬
                                         ‫يقول‪:‬‬           ‫والشاعر بارع في استعطاف الحبيب‪ ،‬يتجلى ذلك‬
                ‫وجه الحبيب مصلى ناظري فأرى‬               ‫في كثير ج ًّدا من المواضع في الديوان مثل قصيدة‬
             ‫هناك كل صفات الحسن موجودا(‪)41‬‬
‫وتحوط المرأة في غزل الخبز أرزي هالة نورانية من‬                                                ‫مطلعها‪:‬‬
‫قدسية‪ .‬ويطرد هذا في كثير من شعره‪ ،‬يقول مث ًل‪:‬‬                             ‫بدء الإساءة مني كان عن زلل‬
                                                                           ‫وما لخل ٍق برد الفائتات يد(‪)35‬‬
                                                           ‫وفيها اعتذار رقيق عما جنت يده‪ ،‬واستعطاف‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21