Page 21 - merit 51
P. 21
19 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وعندما صارحها أن هناك أشياء ثلاثة تجذبه لها :شبهها رومانسيًّا تقليد ًّيا نو ًعا ما ،ولكن سرعان ما ك َّون عالمًا
الكبير بصوفيا لورين ،ونظرتها الحيوانية (الشهوانية)، جاذ ًبا في السرد ،فقد صارت معشوقته جنيًّا يتلبسه في
النوم واليقظة ،فطارده البطل لعله يقلع عنه ،ليكتشف أنه
وإغراء مؤخرتها( .ص )10وصفات دالة على أنه متيم يغوص في قعر مجتمع بغداد ،وحياته الجنسية السفلية.
بها جس ًدا فقط ،وأنها امرأة لعوب ،فمن يشاهدها أينما
كل هذا ونحن نتسمع ضجيج الانفجارات ،ونقرأ عن
سارت يتعلق بها ،فنظراتها تثير من حولها .أما هي أجساد ممزقة ،وصراعات سياسية ،وتكمن المشكلة
فقد صارحته بأمور ثلاثة أي ًضا :أنها لا تحبه وإنما في في كون هذا غير موظف فنيًّا ،فهي أقرب إلى الموسيقى
مرحلة الإعجاب فقط ،وأنها ذاقت الحب الحارق مرتين،
وقد منحت جسدها وروحها لمن أحبت في كلتيهما ،وأنها الزاعقة في الخلفية.
تزوجت من تاجر شره للجنس ،أنجبت منه ابنة عمرها تدور أحداث الرواية حول شخصية «علاء البابلي»
ثمانية أعوام( .ص )11فهي ليست عذراء وليس هو حبها البطل المدرس المساعد بإحدى جامعات بغداد ،الذي
الأول ،بل لم تحبه من الأساس ،ومع ذلك ظل متي ًما بها، يع ُّد أطروحته للدكتوراة في الاقتصاد السياسي ،غارق
حتى أذنيه في الكتب ،مهموم بقضايا الوطن العراقي
ثم فارقته أيا ًما. الدامي ،حيث الثروة المنهوبة ،والسياسة الفاسدة،
حاول الاتصال بها بعد ذلك ،كانت ترد مرة ،وتغلق والاحتلال الجاثم ..نترك كل هذا جانبًا ،ليصفعنا السرد
هاتفها أيا ًما ،فبحث عنها كالمجنون فلم يعثر لها على أثر، منذ الصفحات الأولى بشخصية «رواء العطار» ،التي
واكتشف أنها ليست طالبة ماجستير في جامعتها ،لتكون لها نظرات «ش َّعت كالماس تحت نجمة شاردة في ليل
لغ ًزا كبي ًرا أمامه .فجأة ردت عليه ،وتكررت لقاءاتهما، صحراوي .ستقولون؛ هذه استعارة مستهلكة .وأقسم
حتى إنه اصطحبها إلى شقته ،وتلمسها وتحسسها أنها كانت شيئًا كالشعاعُ .خيِّل إل َّي أنه انبث من نقطة
وعندما اشتعل تركته مغادرة (ص ،)20 ،19على وعد بعيدة وسرية ،ليختلج على فمها الذي يذكر بأسنان
باللقاء ،ثم اختفت .وعادت تتصل به من جديد ،وقابلته وشفتي صوفيا لورين في أفلام ستينيات القرن الماضي.
في الكافتيريا لتخبره أنها كانت مريضة ،وأعلمته بأن أما نظرتها فكانت تنذر بشراسة هادئة ،كما في عيون
المعلومات التي ذكرتها له ليست حقيقية ،وأنها أقامت حيوان بر ٍّي» (ص .)3تقابلا في المكتبة ،حاول الاقتراب
علاقة مع أستاذ جامعي ،ثم تزوجت من مدرس كردي منها لعدة أيام ،ولكنها صدته ،تبادلا الحديث بكلمات
وأنجبت منه ابنة عمرها عشر سنوات ،وأن اسمها مقتضبة ،وتناءيا ،ثم عاد ذات مرة ،ليجدها تجلس
في نفس الطاولة قبالته ،وسرعان ما تقاربا وتحاورا،
الحقيقي نسرين الص َّفار( .ص)30 وتناقشا ،وخرجا م ًعا ،أخبرته أنها تعد رسالة ماجستير
تتتابع الأحداث ويكتشف علاء من خلال علاقاته عن روايات فؤاد التكرلي ،وأعلمها أنه قرأ بع ًضا من
وجلساته وسهراته أن هناك من عرفها وفتن بها،
وتركت علامة لا تمحى من حياته ،وكلما روى أحدهم هذه الروايات ،اكتشف أنها عاشقة
صفات لمن عشقها يكتشف أنها للموسيقى والسينما ،دعاها للغداء
تنطبق على «رواء» ،وإن يع ِّرفها في مطعم قريب فسارت معه ،تغديا
باسم وكينونة مختلفان. وقضيا وقتًا مات ًعا .وباتا يلتقيان مرتين
فيعرف أن رجلا يدعى «أبا في الأسبوع ،هو حالم بها ،يريدها في
غسان» عرفها وتعلق بها ،رغم أنه أحضانه راقصة على أنغام أغنية «يا
يحب زوجته بجنون ،ولكن مذاق بدع الورد» لأسمهان ،ويذكرها بلوحات
هذه السيدة ،التي حملت أسماء مايكل أنجلو ،وأفلام السينما العالمية
عديدة منها :ناهدة حداد ،أوديت بجميلاتها .تلامسا ،وتلاقت أيديهما،
بنيامين ،وأن آخرين عشقوها، وبدآ في المصارحة بالعشق ،ورغبته
وحكوا قصتهم معها مثل :بهجت في جسدها الناري ،وهي لا تبدي
كاظم المحامي اللامع ،قبل أن تم ُّن ًعا ،وإنما تستجيب بشكل أو بآخر.
يسقط في حبائلها ،ويتعلق بجمالها