Page 25 - merit 51
P. 25
23 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
د.غادة كمال سويلم
البشرية من التكامل
إلى صراعات التراتب..
الخال ميلاد من إنسانية الفطرة
إلى ذكورية التكوين نموذ ًجا
تأكد انتصار ميلاد الجديد بتمكنه من الدخول إلى المقهى ،وقد كان
الانتحار هو سبيل ميلاد للخلاص حين يعجز عن مقاومة الحياة ،ففكر
في الانتحار في أثناء التحاقه بالجيش ،وحين تعدى عليه الشباب
بالضرب ،وحين صفع زينب للمرة الأولى .إلا أن ميلاد الجديد أصبح
قاد ًرا على توجيه عنفه للآخرين لا لنفسه ،وتوالت انتصاراته حين
ظل يتشاجر مع زينب مستخد ًما عبارات الذكور في مجتمعه نفسها من
قبيل «أنا زوجك وهذا أمر مني» ثم يكيل لها الشتائم والإهانات ،وكذلك
تفعل هي .ثم لقنه العبسي الدرس الأخير ليصبح نسخة منه؛ أن يضرب
نساءه؛ زوجته وأخواته بلا سبب.
لإثبات تفوقه على المرأة خاصة بعد أن عاش زمنًا البشرية بآدم وحواء اللذين خلقهما بدأت
يخشى قوتها البيولوجية التي تشبه قوى الطبيعة الله من نفس واحدة ،وأولى إليهما
في تقلباتها ،تعطي تارة وتمنع أخرى دون أن يملك
تفسي ًرا منطقيًّا لذلك ،وبدأت العلاقة بينهما تتخذ وإلى نسلهما خلافة الأرض وعمارتها.
وبدأت العلاقة بين نوعي الإنسان؛
منحاها نحو التمييز ،وأخذ الرجل يقلص أدوار الذكر والأنثى علاقة تكامل؛ إذ
المرأة في الحياة ،واستغل دورها البيولوجي -الذي
ظل يهدد تفوقه وإن لم تكن المرأة حينذاك مشغولة يتحدان للحصول على المأكل والمشرب،
بإثبات هذا التفوق -لإقصائها عن الحياة العامة؛ إذ ويحاولان تسخير معطيات الطبيعة لخدمتهما وسد
تحول هذا الدور تب ًعا للمنظومة الذكورية إلى دور
رتيب لا إبداع فيه وغير ذي قيمة مقارنة بإبداعات حوائجهما ،ولا تمييز بينهما في ذلك ،حتى إذا ما
عرف الإنسان الزراعة والاستقرار ،وبدأ العالم
الرجل في مختلف ميادين الحياة ،وانحصر دور يتحول من المشاعية البدائية إلى الملكية الفردية،
المرأة تدريجيًّا في إنجاب الأطفال ورعايتهم وإشباع وبدأ الرجل يصنع الآلات ويطور المعدات ليتمكن
من السيطرة على الطبيعة؛ وجد لنفسه مجا ًل