Page 26 - merit 51
P. 26
العـدد 51 24
مارس ٢٠٢3
والآداب ،وأثقل كاهل المرأة بالأعباء المنزلية ،وفرض رغبات الزوج وأداء المهام المنزلية ،وظل هذا الوضع
القيود على حركتها وعلى جسدها ،فإن تمكنت من البيولوجي يمثل ركيزة أساسية في صراع التراتب
النجاة ،وقدمت إسهامها في الميادين العامة أقصاها بين الرجال والنساء ،إلا أن الأمور تغيرت إلى حد
بعيد مع مرور الزمن؛ إذ بدأت النساء يدركن -على
أو همشها وأغفل ذكرها أو وسم إنجازاتها بالنقص تفاوت فيما بينهن -أن دورهن البيولوجي مصدر
لأنها لا تتبع معاييره ،والأخطر أنه نجح في أن
قوة بالنسبة إليهن وليس مبر ًرا لإقصائهن عن
يمنحها عقل الذكر ويسلبها حق الأنثى؛ حق الإنسان الحياة العامة وتهميش أدوارهن.
الكامل الحر .فأصبحت المرأة في كثير من المجتمعات
وحين ظهرت توجهات اقتصادية وفلسفية مناوئة
هي الراعية الأمينة للأفكار والتقاليد الذكورية. للعبودية والملكية الفردية وهيمنة الرأسمالية،
ومن ثم فقد تحولت علاقة الرجل بالمرأة من علاقة
تكامل إلى علاقة تراتب يحتل فيها الرجل قمة الهرم وتبعتها تغيرات اجتماعية كبيرة ،ظل وضع المرأة
الاجتماعي معتب ًرا نفسه الكائن الأعلى الذي ُس ِّخر بمنأى عن هذه التغيرات ،إلا من تغييرات طفيفة
الكون بكل ما فيه لخدمته ،وأقنع المرأة أنها مخلوق في الطبقات العاملة على الأغلب؛ إذ لم يكن بمقدور
الرجال في هذه الطبقات الاستغناء عن نصفهم
من درجة دنيا لا يسمو إلى منزلة الرجل ،وأن المكمل والمساند الذي يعينهم على الحياة .صحيح
خضوعها هو قدرها الذي لا فرار منه ،بل والذي أن العالم فيما قبل الحضارة وربما بعدها شهد
عليها الرضا به والاستسلام له .ولأن المرأة لم تكن مجتمعات أمومية ،وصحيح أي ًضا فيما ُيستنتج من
أقلية رغم كونها مهمشة ،ولم يكن باستطاعة الرجل المراجع التاريخية أن المرأة في الحضارة المصرية
الاستغناء عنها ،فقد لعب معها لعبة المانح ،ليحقق القديمة شهدت أزهى عصور الندية والمساواة على
مصلحته فقط ،وأعطاها بعض الحقوق لأنه أرادها المستويات كافة ،حتى في الحياة الدينية للمصريين
رفيقة كما أرادها عبدة ،أرادها عاملة بأجر بخس،
القدماء؛ إذ راعوا أن يساوي عدد الإلهات عدد
أرادها حش ًدا ثور ًّيا ،أو صو ًتا انتخابيًّا .وما إن الآلهة ،بل إن الإلهة ماعت كانت الإلهة الأعظم رمز
تتحقق مصلحته حتى يسلبها حقوقها أو يقيد هذه
العدل والخير والحكمة ،وكذلك كانت إيزيس ربة
الحقوق(.)1 الخير والخصب والنماء .والتاريخ المصري القديم
الإنسانية فطرة الله ،والذكورية صنيعة حافل بسير الملكات والملوك العظماء ،وإن عرف
المجتمع المجتمع المصري في ذلك الوقت الطبقية ،وانقسم
إلى سادة وعبيد وأجراء إلا أن المرأة حظيت بحقوق
يولد الطفل ذك ًرا أم أنثى إنسا ًنا ينتمي لبني البشر،
ثم يتلاعب المجتمع بأفكاره الرجل في طبقتها دون أي تفريق بينهما.
عن نفسه وعن شريكه في ورغم كفاءة المرأة في إدارة أمور
الحياة حتى يجرده من
إنسانيته الأولى ،ويحوله إلى الحياة والحكم ظلت اللحظات
ذكر أو أنثى بالكيفية التي التاريخية والمجتمعات البشرية التي
حظيت فيها بكامل حقوقها بصفتها
يريدها ،يوزع المهام والصفات إنسا ًنا لحظات ومجتمعات استثنائية،
والأفكار والعادات تب ًعا للنوع، عانت المرأة فيما عداها سلب حقوقها
فإن لم يتح َّل الرجل بسمات ومعاملتها معاملة العبيد أحيا ًنا
الذكورة فهو رجل ناقص على نحو يتفاوت من مكان إلى آخر
مرفوض اجتماعيًّا ،وإن لم
ومن زمان إلى آخر .حتى صاغ
تنتظم المرأة في منظومة القيم الرجل قوانين العالم وف ًقا لمطامعه
التي تحدد وجودها في الحياة وطموحاته ،وكتب التاريخ ،وأجرى
تجارب العلوم ،وحدد قواعد الفنون