Page 30 - merit 51
P. 30

‫يولد الطفل إنسا ًنا ينتمي لبني البشر‪،‬‬

                                                     ‫ثم يتلاعب المجتمع بأفكاره عن نفسه‬

                                                     ‫وعن شريكه في الحياة حتى يجرده‬

                                                     ‫من إنسانيته الأولى‪ ،‬ويحوله إلى ذكر‬

                                                     ‫أو أنثى بالكيفية التي يريدها‪ ،‬يوزع‬

                                                     ‫المهام والصفات والأفكار والعادات‬

               ‫تب ًعا للنوع‪ ،‬فإن لم يتح َّل الرجل بسمات‬

                                                     ‫الذكورة فهو رجل ناقص‪ ،‬وإن لم‬

                                                     ‫تنتظم المرأة في منظومة القيم التي‬

‫محمد الن ّعاس‬                                        ‫تحدد وجودها في الحياة تب ًعا لمصالح‬

  ‫المزيد من خبزه الرائع الذي كان ممي ًزا‬                        ‫الرجال‪ ‬فهي‪ ‬امرأة‪ ‬ناشز‪.‬‬
                      ‫ج ًّدا في صناعته‪.‬‬
                                                          ‫غروب الشمس‪ ،‬السفر إلى إيطاليا‪ ،‬وأن يكون لها‬
   ‫كانت قوة زينب في الدفاع عن مواقفها‬                ‫أطفال يضجون حياة‪« .‬هل لك أهداف تريد تحقيقها؟»‪،‬‬
     ‫ورغباتها تؤكد لميلاد ما ظنه ضع ًفا‬              ‫«أنا لم أفكر في الأمر مسب ًقا»‪ .‬لم أجد الكلمات المناسبة‬

 ‫واهتزا ًزا في شخصيته‪ ،‬لأن قيمه العميقة التي يصدر‬        ‫لذلك‪ ،‬لقد تربيت في بيئة لا تحلم‪ ،‬ولا تشجع على‬
     ‫عنها لم تتحول أب ًدا إلى موقف ولم تتجاوز كونها‬   ‫الحلم‪ ،‬ربما الهدف الوحيد الذي أردت تحقيقه هو أن‬
                                                       ‫أخبز أكبر قدر من أشكال الخبز‪ .‬لكنني سعدت بأن‬
‫طبيعة فيه كما سبق القول؛ فحين أرادت أن تدخن معه‬      ‫أكون الشخص المناسب الذي حققت معه أحد أهدافها‪.‬‬
                                 ‫سيجارة سألها‪:‬‬
                                                                                            ‫(ص‪)95‬‬
                        ‫‪ -‬لماذا تريدين أن تدخني؟‬            ‫ويبدو غياب الأهداف مبر ًرا في مجتمع يحاول‬
  ‫‪ -‬لا أعلم‪ ،‬لكن لطالما انجذبت إليه‪ ،‬أبي وأخي وعمي‬     ‫إنتاج نسخ متشابهة في كل شيء‪ ،‬ويسعى لقمع أي‬
                                                        ‫اختلاف ومواجهته‪ ،‬كانت زينب مختلفة‪ ،‬وفعلت ما‬
    ‫مدخنون شرهون‪ ،‬لكنهم لم يسمحوا لي يو ًما بأن‬        ‫أرادت دون أن تأبه لنظرة المجتمع‪ ،‬ولذلك كانت لها‬
               ‫أشعل سيجارة‪ ،‬ولن يفعلوا ذلك أب ًدا‪.‬‬    ‫قائمة أهداف بخلاف ميلاد الذي كان معنيًّا بمحاولة‬
                                                        ‫إرضاء المجتمع‪ ،‬لأن ما فطر عليه كان مجرد فطرة‬
          ‫‪ -‬سيجارة واحدة فقط‪ ،‬بعدها لا للتدخين؟‬          ‫قابلة للتشويه‪ ،‬ولم تتحول أب ًدا إلى موقف يتحمله‬
                                         ‫‪ -‬لماذا؟‬     ‫ويدافع عنه‪ ،‬ولذلك حاول أن يكون نسخة عن غيره‪،‬‬
                                                     ‫وخلت قائمة أهدافه إلا من مزيد من الخبز شأنه شأن‬
‫‪ -‬إنه مضر بالصحة والشرف‪ .‬قلت لها بعفوية أحاول‬         ‫كثير من الرجال يركزون على عملهم في المقام الأول‪،‬‬
                                     ‫مشاكستها‪.‬‬       ‫ويمضي تفكيرهم في خط أحادي نحو مزيد من العمل‪،‬‬
                                                         ‫وقد كان ميلاد خبا ًزا فكان أج ُّل أهدافه أن يصنع‬
                ‫‪ -‬ها أنت تدخنه‪ ،‬هل أضر بشرفك؟‬
                                           ‫‪ -‬لا‪.‬‬

              ‫‪ -‬إذن‪ ،‬لماذا تعتقد أنه سيضر بشرفي؟‬
                                 ‫‪ -‬الأمر مختلف‪.‬‬

           ‫‪ -‬لا‪ ،‬ليس مختل ًفا‪ ،‬جدتي تستنشق النفة‪.‬‬
            ‫‪ -‬وجدتي كانت تمضغ التبغ السوداني‪.‬‬

                                         ‫‪ -‬إذن؟‬
              ‫‪ -‬إذن‪ ،‬يحق لك أن تدخني‪( .‬ص‪.)84‬‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35