Page 33 - merit 51
P. 33

‫‪31‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

    ‫اسمع‪ ..‬النساء يرعبهن الحزام‪ ،‬الحزام هو سلاح‬         ‫ميلاد للخلاص حين يعجز عن مقاومة الحياة‪ ،‬ففكر‬
     ‫الرجل القاهر‪ ،‬عد إلى البيت‪ ،‬خذ حزامك واجلدها‬        ‫في الانتحار في أثناء التحاقه بالجيش‪ ،‬وحين تعدى‬
  ‫به‪ ،‬بلا مقدمات‪ ،‬لا تبرر لنفسك أو لها‪ ..‬فقط اجلدها‬
      ‫وستطيعك فيما تقول‪ ،‬حتى لو قلت لها أن تقتل‬            ‫عليه الشباب بالضرب‪ ،‬وحين صفع زينب للمرة‬
     ‫نفسها‪ ..‬إن أردت أن تعدل في الضرب اذهب إلى‬           ‫الأولى‪ .‬إلا أن ميلاد الجديد أصبح قاد ًرا على توجيه‬

                               ‫أخواتك واجلدهن‪.‬‬             ‫عنفه للآخرين لا لنفسه‪ ،‬وتوالت انتصاراته حين‬
   ‫هاك خذ حزامي‪ ،‬اعتبره هدية التخرج‪( .‬صد‪)163‬‬             ‫ظل يتشاجر مع زينب مستخد ًما عبارات الذكور في‬
    ‫احتفظ ميلاد بالحزام فترة قبل أن يتمكن من جلد‬      ‫مجتمعه نفسها من قبيل «أنا زوجك وهذا أمر مني» ثم‬
 ‫زينب به‪ ،‬ولكن صورة الزوجة الخائنة التي صورها‬         ‫يكيل لها الشتائم والإهانات‪ ،‬وكذلك تفعل هي‪ .‬ثم لقنه‬
   ‫بها كل من العبسي ومريم اجتمعت في ذهنه مع ما‬        ‫العبسي الدرس الأخير ليصبح نسخة منه؛ أن يضرب‬
 ‫بينه وبين زينب من الذكريات قبل الزواج وما يعرفه‬
 ‫عن أفكارها وعفويتها وجرأتها ونزوعها نحو التحرر‬                        ‫نساءه؛ زوجته وأخواته بلا سبب‪.‬‬
    ‫وتحديدها لأهدافها‪ ،‬تلك الصفات التي كانت مثار‬            ‫«‪ -‬لكن يجب أن يكون هناك دليل على ما تقوله‪.‬‬
  ‫إعجابه وانبهاره وانفعاله بها هي نفسها التي جعلته‬        ‫‪ -‬هل يحتاج الرجل منا إلى دليل أو سبب ليضرب‬
    ‫يضمر لها شيئًا من العنف في البداية‪ ،‬وحين أتقن‬
  ‫دروس الذكورية لم يحتملها‪ ،‬ولم يع ِط زينب فرصة‬                                               ‫زوجته؟‬
 ‫لتشرح ما يحدث‪ ،‬بل ظن أنها تمارس مع مديرها كل‬                                             ‫‪ -‬أعتقد ذلك‪.‬‬
‫ما مارسته معه‪ ،‬فلم يتوا َن عن أن يرد لها خيانتها كما‬        ‫‪ -‬أنت أحمق وغبي‪ ،‬لا تحتاج إلى دليل لتضرب‬
   ‫يعتقد فألقى بنفسه بين أحضان مريم التي أخبرت‬        ‫زوجتك‪ ،‬أنا أحيا ًنا أضرب أخواتي فقط للتسلية وإبعاد‬
‫زينب عما دار بينهما‪ ،‬حتى إذا ما عاد ميلاد إلى المنزل‬                                 ‫شبح الكساد عني‪.‬‬
  ‫وجد زينب في انتظاره مصدومة بخيانته‪ ،‬واستفزت‬
    ‫لديه بكبريائها كل تعاليمه الذكورية الحديثة حتى‬     ‫أبطال أسطورة إيزيس وأوزوريس من اليمين إلى اليسار‪ -‬إيزيس وزوجها‬
  ‫جلدها بحزام العبسي بلا هوادة‪ ،‬ثم نحرها بموس‪،‬‬                               ‫أوزوريس وابنهما حورس‬

      ‫وهكذا ماتت زينب شامخة‪ ،‬وأصبح ميلاد ذك ًرا‬

                   ‫هامش‪:‬‬

  ‫‪ -1‬للمزيد عن المجتمعات الأبوية والحركات النسائية‬
    ‫ينظر على سبيل المثال «سيمون دي بوفوار» ‪1949‬‬
                                     ‫الجنس الآخر‪.‬‬

‫«يمنى الخولي‪ ،2018 ،‬النسوية وفلسفة العلم‪ ،‬مؤسسة‬
                                  ‫هنداوي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

                   ‫المراجع‪:‬‬

 ‫‪ -‬سيمون دي بوفوار (‪ ،)9491‬الجنس الآخر‪ ،‬ترجمة‬
   ‫ندى حداد (‪ ،)7102‬الأهلية للنشر والتوزيع‪ ،‬المملكة‬
                                  ‫الأردنية الهاشمية‪.‬‬

‫‪ -‬محمد النعاس (‪ ،)2202‬خبز على طاولة الخال ميلاد‪،‬‬
                      ‫دار صفصافة للنشر والتوزيع‪.‬‬

 ‫‪ -‬يمنى الخولي (‪ ،)8102‬النسوية وفلسفة العلم‪ ،‬طبعة‬
                           ‫مؤسسة هنداوي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38