Page 38 - merit 51
P. 38

‫العـدد ‪51‬‬  ‫‪36‬‬

                                                 ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

    ‫ترتسم خطوطها العريضة من خلال فلسفة‬           ‫على الصعيد المادي فقط بل على صعيد الأحاسيس‬
‫التكنولوجيا وقيمها‪ ،‬بسبب منافسة هذه التقنيات‬                   ‫والقيم الاجتماعية والثقافية أي ًضا‪.‬‬
 ‫في فاعليها مردودية الإنسان‪ ،‬بل إنها أصبح لديها‬
                                                   ‫خلاصة القول‪ ،‬إن التكنولوجيا نفسها لم يتضح‬
  ‫القدرة على تجاوزه في بعض الأحيان‪ ،‬فهناك من‬     ‫تأثيرها ومدى خطورتها على الحياة المعاصرة‪ ،‬إلا‬
 ‫يتخوف من سيطرة الذكاء الاصطناعي على الذكاء‬      ‫في الآونة الأخيرة مع الاعتماد المتزايد عليها في كل‬
                                                 ‫مفاصل ومناحي الحياة‪ ،‬كما أنها فرضت تحديات‬
  ‫البشري‪ ،‬حيث بات الإنسان فريسة مشروعة له‬
‫وبإرادته‪ ،‬لكن السؤال الذي يطرح نفسه‪ :‬هل نحن‬          ‫على الفلاسفة وعلماء الاجتماع والنفس وجب‬
 ‫بصدد انبثاق أخلاق تكنولوجية تحاول فرض‬             ‫عليهم التصدي لها للحد من آثارها السلبية على‬
 ‫نفسها على المجتمع البشري بعي ًدا عن الأخلاق‬     ‫الحياة الاجتماعية والثقافية للإنسان المعاصر‪ ،‬بعد‬
                                                   ‫أن أضحت القيم الإنسانية في المجتمع الحالي‬
                        ‫الإنسانية وتوجهاتها؟‬

                                                                        ‫الهوامش‪:‬‬

      ‫‪ -1‬هربرت ماركيوز‪ :‬برز هربرت ماركيوز كفيلسوف و ُمن ّظر سوسيولوجي وعالم اجتماع نقدي‪،‬‬
         ‫انتشرت أفكاره في الكثير من الدوائر الفكرية والسياسية في العالم الغربي‪ ،‬من أهم مؤلفاته «العقل‬

     ‫والثورة»‪« ،1941‬الحب والحضارة» ‪« ،1951‬الإنسان ذو البعد الواحد» ‪« ،1960‬فلسفة النفي» ‪،1968‬‬
‫«الثورة والثورة المضادة» ‪« ،1972‬الماركسية السوفيتية» ‪ .1958‬ينتمي ماركيوز إلى الجيل الثاني لمدرسة‬

   ‫فرانكفورت النقدية‪ ،‬حيث أنتج أفكا ًرا نقدية بالغة الأهمية سعى من خلالها إلى كشف ممارسات ومفرزات‬
   ‫العقل الأداتي (العقلانية التقنية) في المجتمع الصناعي المتقدم وانعكاساتها السلبية على الإنسان داخل ذلك‬
    ‫المجتمع من خلال كتابه الشهير «الإنسان ذو البعد الواحد‪ -‬دراسة عن إيديولوجية المجتمع المتقدم»‬
‫الذي نقد فيه العقل الأداتي وما آلت إليه الحداثة الغربية الرأسمالية أو الاشتراكية عبر التطورات الاقتصادية‬

                                                     ‫والتكنولوجية التي شيأت كل شيء حتى الإنسان‪.‬‬
‫اعتمد ماركيوز على المنهج النقدي في نقده للمجتمع الصناعي المتقدم‪ ،‬الذي أسسه في كتابه «العقل والثورة»‪،‬‬
‫حيث أعاد فيه تفسير آراء وأفكار هيجل الفلسفية‪ ،‬خاص ًة فيما يتعلق بمفهوم «السلب» الذي اتخذ منه منه ًجا‬

   ‫أساسيًّا بكل دراساته التي بحثها فيما بعد‪ .‬أما في كتابه «إيروس الحضارة» فقد قام ماركيوز من خلال‬
‫هذا النتاج الفكري الهام بإعادة قراءة النصوص الفرويدية على ضوء تحولات المجتمع الصناعي‪ ،‬متسائ ًل عن‬
 ‫دلالات الرغبة والتصعيد اللاشعوري‪ ،‬وموقع الجنس في آليات الإغراء الحديثة وعلاقتها بالعملية الإنتاجية‪،‬‬
 ‫وعن المعاني الجديدة التي يتخذها الحب ضمن العلاقات الاجتماعية بالمجتمع الصناعي المتقدم‪ .‬تمثل الاتجاه‬
 ‫النظري والمنهجي عند ماركيوز في رفضه السلبي للمجتمع القمعي القائم‪ ،‬من خلال الثورة عليه للتأكيد على‬

  ‫الدور الثوري والحاسم للعقل في حياة الإنسان الاجتماعية‪ ،‬ولتجنب النظر إلى المجتمع الإنساني نظرة ذات‬
     ‫بعد واحد‪ .‬لمزيد من القراءة والاطلاع حول ذات الموضوع انظر‪ :‬حسام الدين فياض‪ :‬تطور الاتجاهات‬

  ‫النقدية في علم الاجتماع المعاصر (دراسة في النظرية السوسيولوجية المعاصرة)‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬‬
                                                                                 ‫ص‪ 122‬وما بعدها‪.‬‬

     ‫* إرنست كاب (بالألمانية‪Ernst Kapp :‬‏) هو جغرافي وفيلسوف وتربوي ألماني‪ ،‬ولد في ‪ 15‬أكتوبر‪/‬‬
 ‫تشرين الأول ‪ 1808‬في لودفيغسشتادت في ألمانيا‪ ،‬وتوفي في ‪ 30‬يناير‪ /‬كانون الثاني ‪ 1896‬في دوسلدورف‬

                                                                                           ‫في ألمانيا‪.‬‬
   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43