Page 40 - merit 51
P. 40

‫العـدد ‪51‬‬                                       ‫‪38‬‬

                                                    ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

‫زيد صالح الفقيه‬

‫(اليمن)‬

‫الفرق بين «الظاء» و»الضاد»‬

‫من حيث المخرج والصفات‬

‫لا يختلف المحدثون كثي ًرا في آرائهم مع القدماء ولعل الاختلاف الطفيف‬
‫الذي حصل بينهما هو نتيجة لتدخل الآلة الحديثة التي استطاعت أن‬
‫تقيس دقة اهتزاز العضو الصوتي بالدرجة الرقمية‪ ،‬أما الثوابت أو‬
‫الأصول فقد وضعها القدماء من الخليل (ت»‪175‬هـ) مرو ًرا بسيبويه‬
‫والمبرد (ت‪285:‬هـ)‪ ،‬ابن جني (ت‪102:‬هـ)‪ ،‬وإن اختلفوا قلي ًل في عدد‬
‫المخارج التي أدت إلى اختلاف أماكن خروج الأحرف؛ ويقول رمضان عبد‬
‫التواب «وبيننا وبين قدامى اللغويين من العرب‪ ،‬خلاف في عدد المخارج‬
‫للأصوات العربية‪ ،‬وفي تحديد مخارج بعض الأصوات»‪.‬‬

 ‫القدماء بسبب صعوبة النطق بهما نقصد هنا الظاء‬         ‫باللغة واكتشاف أسرارها والوصول‬                 ‫العناية‬
  ‫والضاد‪ ،‬على من دخل الإسلام من الأمم المختلفة‪،‬‬     ‫لكنهها قد أولاه المسلمون ُجل اهتمامهم‬

                ‫بل وعلى بعض القبائل العربية»(‪.)2‬‬           ‫بد ًءا من نصر بن عاصم ألليثي‬
     ‫وتواصلت جهود العلماء والباحثين في الغوص‬            ‫(ت‪90:‬هـ) وقيل ‪89‬هـ(‪ )1‬ووضعه‬
   ‫إلى أعماق اللغة‪ ،‬في سبيل المزيد من المعرفة‪ ،‬لكن‬      ‫النقاط على الحروف‪ ،‬ومرو ًرا بأبي‬
  ‫في اعتقادي أن الباحثين المعاصرين بكل جهودهم‬           ‫الأسود الدؤلي (ت‪69:‬هـ) ووضعه‬
 ‫الفردية‪ ،‬مع جهد الآلة الحديثة‪ ،‬لم يتجاوزوا الأطر‬
  ‫العامة لما وضعه العلماء قدي ًما‪ ،‬ففي العروض على‬        ‫قواعد النحو العربي‪ ،‬والخليل بن‬
  ‫سبيل المثال لا الحصر لم يستطع الباحثون الذين‬         ‫أحمد (‪175 -100‬هـ) واكتشاف بحور الشعر‬
    ‫تبعوا الخليل أن يبتدعوا بح ًرا يخرج عن سرب‬       ‫وموسيقاه‪ ،‬ووصو ًل لعلوم اللغة وعلوم البلاغة‪،‬‬
 ‫بحور الخليل‪ ،‬حتى المتدارك الذي يزعم البعض أنه‬      ‫وعلم الكلام‪ ،‬وكل ذلك في سبيل الوصول لجوهر‬
‫من ابتداع الأخفش الأوسط قد جاء في دوائر الخليل‬
  ‫العروضية‪ ،‬وهذا يعني أنه للخليل‪ ،‬أو أن يب ِّسطوا‬                     ‫الفهم القرآني في ن ِّصه المعجز‪.‬‬
   ‫البحور الموجودة لفهمها بطريقة سهلة ومي َّسرة؛‬          ‫ولم يقتصر ذلك الاهتمام على ما سبق لكنه‬
    ‫واقتصرت جهودهم على تقليب هذه العلوم كما‬            ‫تخطى ذلك إلى عنايتهم اللغوية بالحروف‪ ،‬من‬
  ‫يقلِّب المزارع تربة الأرض بالحرث لغرض ال َّزرع‪،‬‬    ‫حيث صفاتها ومخارجها والفوارق بينها‪ ،‬بل لقد‬
                                                       ‫وصلت الدراسات الصوتية إلى أدق التفاصيل‪،‬‬
                                                     ‫وهذه الدراسات الصوتية قدي ًما كانت قد «شغلت‬
   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45