Page 44 - merit 51
P. 44

‫تظل الحروف العربية محط اختلاف‬

                                                      ‫بين دارسي اللغة‪ ،‬وذلك يعود إلى‬

                                                      ‫تجدد حركتها في إطار المنظومة‬

                                                      ‫الصوتية واختلافها المتعدد في‬

                                                      ‫التركيب الصوتي للكلمة في إطار‬

                                                      ‫السياق العام للنظم‪ ،‬كما هو في‬

                                                      ‫نظرية النظم عند الجرجاني‪ ،‬وكذلك‬

                                                      ‫ما يسميه الدكتور كمال أبو ديب‬

                                                      ‫(بالتناوس) في إطار التحليل البنيوي‪،‬‬

                 ‫رمضان عبد التواب‬                     ‫أما أستاذي الدكتور عبد الوهاب راوح‬

   ‫بشكل أكبر مما كان قدي ًما ما روى عن‬                       ‫فينظر في إطار‪ ‬الصوت‪ ‬والدلالة‬
   ‫عمر بن الخطاب حيث قدم إليه شخص‬
‫يسأله‪« :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬أيضحى بضبى؟‬                        ‫وجدنا أن الضاد قد أخذ الحظ الأوفر من آراء‬
  ‫قال‪ :‬وما عليك لو قلت‪ :‬بظبي؟! قال إنها‬                    ‫العلماء وتخريجاتهم‪ ،‬فقد ورد عند ابن الجزري‪:‬‬
    ‫لغة‪ :‬قال‪ :‬انقطع العتاب‪ ،‬ولا يضحى بشيء من‬
 ‫الوحش»(‪ ،)31‬وقد ج َّوز بعض اللغويين(‪ )32‬التعاقب‬              ‫الضاد‪« :‬والضاد انفرد بالاستطالة‪ ،‬وليس في‬
                                                            ‫الحروف ما يعسر على اللسان مثله؛ فإن ألسنة‬
      ‫بين الضاد والظاء عند العرب‪ ،‬وأكد ذلك ابن‬              ‫الناس فيه مختلفة‪ ،‬وقل من يحسنه؛ فمنهم من‬
‫الأعرابي الذي كان يقول‪« :‬جائز في كلام العرب أن‬           ‫يخرجه ظاء‪ ،‬ومنهم من يجعله لا ًما مفخمة‪ ،‬ومنهم‬
                                                          ‫من يشمه الزاي‪ ،‬كل ذلك لا يجوز»(‪ ،)28‬ومن هذه‬
   ‫يعاقبوا بين الضاد والظاء‪ ،‬فلا يخطئ من يجعل‬               ‫الحظوة ما ذكر أبوة الطيب اللغوي‪ :‬عن الضاد‪:‬‬
‫هذه في موضع هذه»(‪ ،)33‬ويرى المحدثون أن الضاد‬               ‫«ما ينبض له عر ٌق نب ًضا‪ ،‬وما ينبذ له عرق نب ًذا‪.‬‬
                                                         ‫وقد نبض العرق ينبض‪ ،‬ونبذ ينبذ إذا ضرب»(‪،)29‬‬
    ‫القديمة تختلف عن الضاد التي ننطقها الآن في‬
          ‫أمرين‪ :‬أحدهما مخرجي والأخر وصفي‪:‬‬                      ‫ويروي د‪.‬رمضان عبد التواب حديث بعض‬
                                                             ‫اللغويين عما سموه (بالضاد الضعيفة)‪ ،‬ويعد‬
‫‪ -1‬أن الضاد القديمة ليس مخرجها الأسنان واللثة‪،‬‬           ‫مظه ًرا من مظاهر عدم تمكن بعض العرب القدماء‪،‬‬
                      ‫بل حافة اللسان أو جانبيه‪.‬‬         ‫من نطق الضاد الضعيفة؛ يقول ابن يعيش‪« :‬الضاد‬
                                                               ‫الضعيفة من لغة قوم اعتاصت عليهم‪ ،‬فربما‬
‫‪ -2‬إنها لم تكن انفجارية (شديدة) بل كانت صو ًتا‬              ‫أخرجوها طاء‪ ،‬وذلك أنهم يخرجونها من طرف‬
                            ‫احتكاكيًّا (رخ ًوا)(‪.)34‬‬         ‫اللسان وأطراف الثنايا‪ ،‬وربما أرادوا إخراجها‬
                                                            ‫من مخرجها‪ ،‬فلم يتأت لهم فخرجت بين الضاد‬
 ‫الضاد‪ :‬ويوافق أستاذي أيضا الدكتور عبد الكريم‬              ‫والظاء»(‪ )30‬ومن هذا الخلط الذي امتد إلى عصرنا‬
  ‫البحلة المبرد في أن الضاد من حروف الاستطالة‪،‬‬

      ‫وهي‪« :‬امتداد الصوت من أول إحدى حافتي‬
      ‫اللسان إلى آخرها‪ ،‬ولهذه الصفة حرف واحد‬
   ‫هو (ض)»(‪ ،)35‬ولعل تلك الصفة هي التي جعلت‬
    ‫سيبوبه يفرد للضاد (مخر ًجا مستق ًل‪ ،‬ووافقه‬

                                        ‫المبرد)‪.‬‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49