Page 49 - merit 51
P. 49
47 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
د.محمد الديهاجي
(المغرب)
مثالب هوميروس..
السرد ،والسرد المضاد
إن الرؤية المتصدية للمثالب الهوميروسية ،عند صلاح بوسريف ،قد
وصلت مداها الفجائعي عبر مكر كتابي مغاير لما هو متعارف عليه في
الشعر العربي وغيره ،حسب علمنا ..مكر يجمع بين بنيتين فنيتين،
بنفس ملحمي أسطوري مقصود .يتعلق الأمر ببنية «تشعير السرد»
وبنية «تسريد الشعر» .وهذا ما جعلنا ننظر إلى هذا العمل الشعري
بوصفه حد ًثا شعر ًّيا إنسان ًّيا /كون ًّيا ،دون مزايدات أو تعصب حتى ،إن
على مستوى مواجهته لمثالب هوميروس ،وهذا لعمري سبق ،أو على
مستوى البناء والعمارة.
يحرك القط ُب ال َّرحى ،يتعلق الأمر بفكرة «العدالة» في الشعرية العربية الآن ،أعما ٌل شعرية ثمة
الإنسانية في هذا العالم -فكرة تدنو من أن تكون تشكل استثناء ،بما ُتحدثه من انعطاف
مثالية -التي قسمت الإنسان إلى آلهة وعبيد .آلهة في الأفق ،وتحتاج إلى انتباه فطن بنفس
يتحكمون في البلاد والعبيد ،ويبادرون إلى افتعال القدر أو أكثر ،لما تنطوي عليه من جرح
إبستيمي -جمالي يغير مجرى النهر بكل
الحروب ،وعبيد يقاومون بكل ما أوتوا من قوة ما فيه من ماء وهواء« .مثالب هوميروس» للمغربي
لص ِّد الطغاة:
صلاح بوسريف( ،)1هو بين هذه المشاريع/
وهاااا نحن نحاصرهم ابتزا ًزا لأجل مينيلاوس: الأعمال.
ليستعيد هيلين زوجته المسروقة،
كما تدعي( .ج ،1ص)40 ومحاولتنا البحثية هذه ،تروم تفكيك ،قدر الإمكان،
هذا العمل الملحمي الضخم ،اعتما ًدا على دعامات
إن هذا العمل البهي ،ينطوي بشكل ماكر على إجرائية تأويلية نسقية ،تجتث النسق الرئيس
دائرتين /نسقين أساسيتين ،كما أسلفنا؛ واحدة
تلج في الأخرى ،تواص ًل وتجاو ًرا ،ألا وهما فكرة -فعل التسريد -المستحكم في الرؤية الشعرية لهذا
«العدالة الإنسانية» بما يتفرع عنها من ثنائيات العمل ،والمتخفي وراء الإبدالات الجمالية التي جعلت
متضادة ومتصارعة على تلة الوجود الإنساني «مثالب هوميروس» حلقة ضمن عقد /مشروع
كما يقول هيراقليط في مقطع يمكن اعتباره الجمرة شعري حداثي بكل ما تحمله الحداثة من فهومات.
المتوقدة في ضلوع هذا العمل« :الحرب ..تبرهن نسق ينطوي على نسق ضمني آخر يحركه كما