Page 51 - merit 51
P. 51
49 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
الخطاب الشفوي أو المكتوب الذي يضطلع برؤية أ -الملفوظ الأول« :مثالب»:
حدث أو سلسلة من الأحداث»(.)5 جاء في لسان العرب لابن منظور قوله في شرح
كلمة مثالب« :والمثالب العيوب وهي الم ْث َلب ُة والمِثلبة
وإذا كان السجل السردي ،في أي عمل ،يلعب دو ًرا ومثالب الأمير والقاضي معا ِي ُب ُه ورج ٌل ِث ْل ٌب و َثلِ ٌب
مه ًّما في إنتاج المعنى ،فإن أمبرتو إيكو يتساءل هنا
قائ ًل« :فلم لا نحاول قراءة العمل الواقعي باعتباره َمعي ٌب».
ب -الملفوظ الثاني :هوميروس:
رواية؟ وإذا كانت عوالم التخيل السردي بالغة شاعر إغريقي ،وصاحب الإلياذة والأوديسة ،وهما
الضيق وتمدنا براحة وهمية فلم لا نحاول بناء أقدم نصين مكتوبين ،حسب المؤرخين ،يحكيان عن
عوالم سردية شبيهة في ذلك بالعالم الواقعي»(.)6
هذا الأمر هو ما سعى إليه الشاعر صلاح بوسريف حرب طروادة.
في عمله ،قيد الدراسة والمساءلة ،حيث عمل على أما العنوان الفرعي المتعلق بالكتاب الأول (نكاية في
إعادة قراءة التاريخ (الإلياذة والأوديسة) والعالم
الواقعي الذي ما هو إلا رجع صدى لتلك الحروب، الآلهة) ،فهو عنوان ينطوي على كثير من التشفي
بالسرد تارة والسرد المضاد تارة أخرى ..سرد ض ًّدا على تجبر آلهة الأولمب المُدبرة للحروب/
هوميروس وسرده الخاص (المضاد) .وهو إذ حرب طروادة كما ورد على لسان «كزينوفان»:
يقوم بذلك ،إنما يفعله من أجل قراءة أحداث الواقع
«لقد وصف هوميروس وهسيودوس الآلهة بكل
المكرور التي تدور في طوق مقفل .يقول: ما في البشر يثير الخزي والخجل :سرقات وزنى،
ُس َّد الطو ُق
لا ومخاتلات متبادلة [وإشعال حروب وفتن]»(.)4
داخل، في حين يشير مضمون العنوان الفرعي للكتاب
لا الثاني (هلاس الأوقيانوس) إلى المحيط أو النهر
العظيم في الأساطير الإغريقية .وأوقيانوس هو إله
أخي ُل وحده ا ْغ َت َّم لف ْق ِد ابن أورانوس وغايا ،كما أنه والد إلهات النسيم.
ْبريسي َس مما سبق ،ن ْح ُد ُس بأن صلاح بوسريف ،في هذا
لا العمل ،سيتصدى للسرد الهوميروسي ،وقو ًفا على
عيوبه ومثالبه ،متوس ًل في ذلك ،بما وسمناه أعلاه
أح َد يغن ُم أح ًدا في حر ٍب كلِّها
خد ٌع ومكائ ُد( .ص ،15:ج)1 بالسرد المضاد.
إن القائم بالسرد في هذا العمل الشعري ،يعي تمام
الوعي ما هو مقبل عليه ،أي إنه يسرد الحكاية ثال ًثا :السرد الميثولوجي المضاد ..السرد
بأسلوبه الخاص ووفق رؤية فجائعية تفضح الفجائعي
فداحة الإنسان على هذه الأرض .يقول:
السارد ليس معنيًّا بغير ما حر ٌّي بنا بداء ًة
أن نشير إلى
يتناسل في الحكاية من
خيوط أن السرد تقنية
أساسية في صنع
ه َي ما ِب ِه ين ُس ُج ُح ْبكا ِتها( .ص ،16ج)2
يضعنا هذا العمل أمام حزمة من المفارقات الحكاية كما
التاريخية المتناسلة من السرد والسرد المضاد، نقل ذلك جرار
الأسطورة والواقع ،الآلهة والعبيد ..من خلال جنيت في كتابه
أحدا ٍث أبطالها آلهة تدبر حرو ًبا تنتهي بالموت «خطاب الحكاية».
والفقد واغتراب أبطالها ،بلغة تعود إلى درجة فالحكاية «تدل
الصفر في الكتابة ..لغة الأساطير والبدايات الأولى.
على المنطوق
السردي أي