Page 50 - merit 51
P. 50

‫العـدد ‪51‬‬  ‫‪48‬‬

                                                         ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

      ‫الشعري‪ ،‬من صفحة وبياض وسرد وصراع‬                    ‫على أن البعض آلهة‪ ،‬والبعض بشر‪ ،‬تحول هؤلاء‬
‫درامي‪ ..‬إلخ‪ .‬وهو بذلك أ َّسس ميثا ًقا تخييليًّا جدي ًدا‬  ‫إلى عبيد‪ ،‬وأولئك إلى سادة‪ ..‬إن العدالة هي النزاع‪،‬‬

  ‫في الشعر العربي‪ ،‬بكثير من المغايرة والاختلاف‪.‬‬           ‫وأن كل شيء يتطور من خلال النزاع وبواسطة‬
                                                            ‫الضرورة»(‪)2‬؛ والنسق الثاني يتمثل في «السرد‬
       ‫ثان ًيا‪ :‬عتبات ميثولوجية‬                            ‫المضاد» بما هو انتصار لفكرة «العدالة» ولو من‬
                                                          ‫جهة وجهها الفني‪ /‬الجمالي كما سيتبين أسفله‪.‬‬
   ‫إذا كان جرار جنيت في كتابه «عتبات»‪ ،‬قد جعل‬
‫قراءة متن أي نص مشروطة بقراءة هذه العتبات‪/‬‬               ‫أو ًل‪ :‬الشاعر‪ ..‬الشاعر من قام بين‬
                                                                   ‫الشعر والنثر‬
      ‫النصوص الموازية ‪ ،Para-texte‬من عناوين‬
     ‫وإهداءات ومقدمات ونشر‪ ..‬إلخ‪ ،‬فإن الوقوف‬               ‫صلاح بوسريف شاعر مغربي ينتسب إلى الجيل‬
      ‫عند بعض عتبات هذا العمل الشعري (مثالب‬                 ‫الثمانيني‪ .‬إلا أن نصف‪ ،‬أو ما يزيد‪ ،‬ما كتبه من‬
    ‫هوميروس) مطلب ملح‪ ،‬لتسهيل عملية القراءة‬
     ‫السليمة من جهة‪ ،‬وبع ِّد هذه العتبات نصو ًصا‬               ‫شعر في مساره الشعري‪ ،‬تحقق خلال وبعد‬
  ‫مفتاحية تف ِّكك شفرات‪ /‬مضمرات هذا العمل من‬                ‫تسعينيات القرن الماضي وإلى يومنا هذا‪ .‬الشيء‬
                                                          ‫الذي يفيد أنه شاعر رؤياوي مشاء‪ ،‬اختار الإقامة‬
                                    ‫جهة أخرى‪.‬‬             ‫في الشعر‪ ،‬خل ًقا وتخلُّ ًقا‪ ،‬صيرور ًة وتص ُّي ًرا‪ .‬أعماله‬
 ‫ومن ضمن هذه العتبات الرئيسة‪ ،‬ها هنا‪ ،‬العنوان‬              ‫الشعرية أعمال مؤسسة بالمعنى الحقيقي‪ ..‬أعمال‬
‫الرئيس (مثالب هوميروس) بع ِّده أكبر العتبات بعد‬             ‫تتميز بنفس ملحمي غير مسبوق كما في الإلياذة‬

                                   ‫اسم المؤلف‪.‬‬               ‫والأوديسة‪ ،‬تواص ًل وتفاص ًل‪ ..‬أعمال قوضت‬
   ‫عنوان هذا العمل الشعري بجزأيه‪ /‬كتابيه‪ ،‬جاء‬            ‫الحدود الوهمية بين الشعر والنثر‪ ،‬بين لغة صالحة‬
‫مركبًا من عنوان رئيس‪ :‬مثالب هوميروس‪ ،‬وعنوان‬
   ‫فرعي خاص بكل جزء على حدة‪ :‬نكاية في الآلهة‬                   ‫للشعر‪ ،‬ولغة خاصة بالنثر‪ ،‬كأني به يتواطأ‪،‬‬
                                                            ‫ضمنيًّا‪ ،‬مع ما ذهب إليه أبو حيان التوحيدي في‬
     ‫(الكتاب الأول)‪ ،‬وهلاس الأوقيانوس (الكتاب‬               ‫قوله المسكوك‪« :‬أحسن الكلام ما قامت صورته‬
                                       ‫الثاني)‪.‬‬          ‫بين نظم كأنه نثر‪ ،‬ونثر كأنه نظم‪ ،‬يطمع مشهوده‬

       ‫فيما يخص العنوان الرئيس فهو يتكون من‬                        ‫بالسمع ويمتنع مقصوده على الطبع»(‪.)3‬‬
                                      ‫ملفوظين‪:‬‬           ‫إن الأعمال الشعرية لصلاح بوسريف‪ ،‬منذ «حامل‬

                                                                                                  ‫المرآة»‬
                                                                                           ‫تحدي ًدا‪ُ ،‬كتبت‬
                                                                                           ‫بمعرفة‪ ،‬وعلى‬
                                                                                          ‫المقبل عليها أن‬
                                                                                          ‫يقرأها بمعرفة‬

                                                                                             ‫كذلك‪ .‬كتابة‬
                                                                                           ‫استثمرت كل‬

                                                                                               ‫الإمكانات‬
                                                                                            ‫الكتابية التي‬

                                                                                              ‫ُتخ ِّف ُف من‬
                                                                                            ‫غلواء غنائية‬

                                                                                               ‫وإنشادية‬
                                                                                                  ‫النص‬
   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55