Page 52 - merit 51
P. 52

‫العـدد ‪51‬‬  ‫‪50‬‬

                                                              ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

                                                                          ‫الرؤية المتصدية للمثالب‬

                                                              ‫الهوميروسية‪ ،‬عند صلاح بوسريف‪،‬‬

                                                              ‫قد وصلت مداها الفجائعي عبر مكر‬

                                                              ‫كتابي مغاير لما هو متعارف عليه في‬

                                                              ‫الشعر العربي وغيره‪ ،‬حسب علمنا‪..‬‬

                                                              ‫مكر يجمع بين بنيتين فنيتين‪ ،‬بنفس‬

                                                              ‫ملحمي أسطوري مقصود‪ .‬يتعلق الأمر‬

                                                              ‫ببنية "تشعير السرد" وبنية "تسريد‬

                    ‫صلاح بوسريف‬                               ‫الشعر"‪ .‬وهذا ما جعلنا ننظر إلى هذا‬
                                                               ‫العمل الشعري بوصفه حد ًثا شعر ًّيا‬
   ‫َشذا ُه لم ُيفار ْق و ْج َن َت ْيها؟ (ص‪ ،15‬ج‪)2‬‬                                       ‫إنسان ًّيا‪ /‬كون ًّيا‪.‬‬
  ‫إن الشاعر صلاح بوسريف‪ ،‬وهو يسرد‬
                                                                        ‫توالد الاغتراب عند أبطال صلاح بوسريف‬
      ‫أحداث «إلياذته» و»أوديسته» اللتين‬                              ‫(أبطال هوميروس ليسوا هم أبطا َل بوسريف)‬
   ‫تجسدان حكاية الإنسان في صراعه مع‬                              ‫بسبب الموت الفجائعي والخيانات وضياع الأحلام‪،‬‬
‫الآلهة‪ ،‬يتمثل الرؤية الفجائعية المجسدة في إحساسه‬                     ‫ولَّ َد منا ًخا سرد ًّيا فجائعيًّا في هذا العمل‪ .‬يقول‬
                                                                   ‫الشاعر بصوت مبحوح بجحيم القلق والانتظار‪،‬‬
      ‫بالعراء والتيه واهتزاز الكينونة‪ ،‬وكذا شعور‬
 ‫أبطاله بالخيبات‪ ،‬يقول في إحدى لحظات تسريداته‬                                            ‫وملتهب بسرد فجائعي‪:‬‬
                                                                                          ‫أ ُّيهما أ ْهو ُن على ِب ُنلو ِّب‪،‬‬
                                       ‫الشعرية‪:‬‬                   ‫وهي ُتداري خ ْيبات عشاقها في غ ْيب ِة َأو ِديس ُيو َس‪،‬‬
                           ‫‪ -‬تبدأُ الحكاي ُة بامرأ ٍة‬
                           ‫ع ٍشق ْت رج ًل ل ْم ُي ِحبَّها‬                                                    ‫أ ْن‬
                           ‫اختز َل ْت ش ْه َو َتها في ِه‪،‬‬                              ‫َترعى ال ُأ ُص َص في حديقتِ َك‬
                        ‫في أ ْن ُي َقبِّ َلها قب َل اشتعا ِل‬                   ‫التي فيها كن َت زر ْع َت و ْر َد َك بيد ْي َك‪،‬‬
                                                                         ‫وتنتظ َر متة تط ُر ُق البا َب ل ُتعان َق انتظا َرها‪،‬‬
                                         ‫الفج ِر‪،‬‬                                  ‫و ُتطلِ َق في صد ِرها َخ ْف َق طيو ٍر‪،‬‬
                                   ‫لأ َّن في ال ُّظ ْل َم ِة‬
                           ‫ما ُيغري بالعنا ِق حتَّى‬                                       ‫طالما تعب ْت في أقفا ِصها‪،‬‬
                                   ‫ِض َّف َتي النه ِر‪.‬‬                                                       ‫أ ْم‬
                         ‫‪ -‬وتنتهي بعاش ٍق ذه َب‬
                             ‫إلى الحر ِب وفي قلب ِه‬                                          ‫ُت ْسلِ َم ال ِّشبا َك للما ِء‪،‬‬
                                                                                       ‫و َتخ ُر َج من ِظلِّ َك غي ِر عابئ ٍة‬
                                         ‫ُغ َّص ٌة‪،‬‬                                 ‫بما أود َع ْت ُه في ال َّز ْه ِر م ْن ِع ْط ٍر‪،‬‬
                                  ‫لأ َّن من أحبَّها‬
                         ‫خانت ُه مع محار ٍب قدي ٍم‪،‬‬
   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57