Page 28 - merit 51
P. 28

‫العـدد ‪51‬‬  ‫‪26‬‬

‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

            ‫كان ممز ًقا وتائ ًها لا يعرف ماذا عليه‬
               ‫أن يفعل ليكون رج ًل‪ ،‬وأي رجولة‬
                    ‫عليه أن يتسم بها‪ ،‬هل ينبغي‬
                       ‫أن يلتحق بالجيش ليكون‬
                          ‫أكثر جل ًدا وتحم ًل من‬
                          ‫خلال تعريضه لمواقف‬
                            ‫ربما لن يتعرض لها‬
                          ‫أب ًدا في حياته‪ ،‬أم عليه‬
                               ‫أن يطارد النساء‬
                               ‫ويضاجعهن مثل‬
                              ‫عمه وابن عمه ثم‬
                            ‫يزدريهن ويذكرهن‬
                                 ‫بأقبح الألفاظ‪،‬‬
                               ‫أم عليه أن يتمثل‬
                             ‫القسوة وينأى عن‬
                         ‫البقاء بين أمه وأخواته‬
                         ‫كما كان يفعل والده‪ ،‬أم‬
                     ‫عليه أن يعيش بشخصيتين‬
                     ‫مختلفتين كما كان يفعل كل‬
                    ‫من حوله من الرجال «أبي لم‬
                  ‫يجلس يو ًما على السفرة نفسها‬
                ‫مع أمي‪ ،‬رغم كونه من عشاق أم‬

        ‫كلثوم‪ ،‬العبسي لا يكف عن تقلد دور الأخ‬
    ‫الغاضب مع أخواته‪ ،‬رغم أني لم أجد كوميد ًّيا‬

                                ‫مثله‪( .‬ص‪.)39‬‬
     ‫في النهاية أسلم ميلاد نفسه لمختلف الهويات‬
  ‫تتنازعه‪ ،‬فتارة تنتصر فطرته الإنسانية السليمة‬
 ‫التي لا تفرق بين ذكر وأنثى‪ ،‬وتارة أخرى يسعى‬
  ‫للقبول الاجتماعي‪ ،‬ويمضي قد ًما في سبيل ذلك‪،‬‬
‫فالتحق بالجيش وخرج منه بعد معاناة شديدة؛ إذ‬
 ‫لم تكن علاقته بالقائد وبالتدريبات على ما يرام في‬
  ‫بادئ الأمر‪ ،‬وحاول الهرب إلا أن محاولته باءت‬
   ‫بالفشل وبموت صديقه وبمزيد من التنكيل به‪،‬‬
   ‫خرج من الجيش بمخزون من الذكريات الأليمة‬

                         ‫وبهوية أكثر اضطرا ًبا‪.‬‬
‫وهنا تولاه العبسي مناز ًعا أخواته في التأثير عليه‪،‬‬

   ‫إلا أن ظهور زينب في حياته في تلك الأثناء جعل‬
  ‫تطور شخصيته وهويته يمضي على نحو أعمق‪،‬‬

‫كانت زينب نقي ًضا له؛ قوية ومقدامة وتعرف جي ًدا‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33