Page 32 - merit 51
P. 32
العـدد 51 30
مارس ٢٠٢3
وقفت شامخة كأي امرأة عرفتها في حياتي ،واستعدت فحسب.
للدخول في معركة اليوم» (ص.)53 ثم انتقل العبسي إلى الدرس التالي وهو تمكين ميلاد
من تعنيف زوجته؛ فأخذ يشكك في سلوكها ،ويوحي
أسلم ميلاد قياده للعبسي جر ًّيا وراء رجولة زائفة
وانتصارات اجتماعية لا معنى لها ،ولكنه كان يدرك إليه بأنها على علاقة بمديرها ،وظل يراقبها دون
أن يطلب ميلاد منه ذلك ،حتى تولى ميلاد مراقبتها
تما ًما أن النساء يملكن قوة لا تحتاج إلى عنف أو بنفسه ،وحين رآها مع مديرها لم يتمكن من مواجهتها
صراخ أو لكمات ،فرغم موت والده لم يشعر بانهيار
البيت إلا حين توفيت أمه «لم أبك في حياتي على فقدان بل طلب منها أن تترك عملها:
« -اجلسي.
شخص مثلما بكيت على فقدانها .كانت أمي امرأة
من زمن آخر .رائحتها الموسمية ،ورداؤها الأخضر -أنا متأخرة عن العمل.
الذي تلفه على جسدها وتخرج من صدريته الحلوى -اجلسي .حركت الكرسي .أريدك أن تتوقفي عن
والحنان والعجائب ،ظلا عالقين بي طيلة عمري ،لم
يكن موتها مجرد مزحة يلعبها القدر ،بل كان فاجعة العمل ،قلت لها.
وإيذا ًنا بتفكك الأسرة وتشقق جدران بيت العائلة، -لماذا؟
وتهالك نوافذه الخشبية ..كانت رغم كبر سنها الخيط
-لا أعرف ولكن أريدك أن تفعلي ذلك.
الذي يشد أعمدة البيت ،ويبقيها قادرة على تحمل -لا.
نزلات الزمان( .ص .)151 ،150وعلى غرار أمه كانت
أخواته وزوجته؛ كل منهن تملك قوة وسح ًرا خاصين. -ماذا؟
-لا ،لم يكن هذا اتفاقنا ،لقد أنهكت سنين عمري
وحين قاطع ميلاد أخواته ظنًّا منه أنهن من صنعن حتى أصل إلى هذه المرتبة ،أهملت نفسي حتى ترتاح
حجا ًبا للتفريق بينه وبين زينب تراجع تما ًما تأثيرهن حضرتك بلا عمل خو ًفا من العالم الذي يطاردك،
فيه ،إذ كن من يربطنه بفطرته الإنسانية السليمة التي تحملت وتحملت وتحملت ،والآن عندما تعبت من
لا تفرق بين ذكر أو أنثى ،ووقع تحت تأثير العبسي خضرواتي ومشروبي ونقودي التي تضيعها في
الذي أراده رج ًل كأسوأ ما يمكن أن تكون الرجولة؛
سجائرك تريد مني أن أتوقف؟ لا.
خائنًا وعني ًفا وسليط اللسان ،ومريم التي أرادته ..وقد وجدت يدي تمتد إلى وجهها لتصفعها.
لنفسها فأوغرت صدره هي أي ًضا على زينب حين بدأ
يستعيد ثقته بها بعد أن أخبرته أنها كانت تقابل المدير (ص.)46
ها قد تمكن ميلاد من توجيه الصفعة الأولى إلى وجه
لينشر أعمال عمها ،ذلك الحلم الذي طالما راودها،
فتتبعها مرات عديدة حتى رآها مع المدير في المقهى، زينب ،وانتصر ميلاد الجديد على ميلاد القديم على
المستوى المادي ،أما على المستوى المعنوي فإن «ثمة
وهنا حدث صراع نفسي بين شخصيتيه القديمة سر أريد أن أفصح لك عنه ،عندما وجهت صفعتي إلى
والجديدة «كنت أشعر بغضبي يتقد داخل قبضة يدي، زينب ،شعرت بألم في كفي .كانت يدي ترتعش ،لم
أردت أن أهشم وجهه وألقي بجسده من شرفة المقهى، أصدق أني صفعتها ح ًّقا ،وإن تخيلت موق ًفا كهذا أكثر
من مرة ،كنت فيه أحيا ًنا أشعر بالنشوة والانتصار،
وعندما حاولت التحرك ناحية المقهى شدني ميلاد ولكن ما شعرت به لم يكن طعم انتصار .اعتقدت أن
القديم يقول لي إن علينا أن نغادر المكان وسنحل الأمر الصفعة كانت رد فعل لا إراد ًّيا على إهانتها أخواتي،
لكن كانت زينب تفعل ذلك أكثر من مرة عندما تحتد
عند عودتنا إلى المنزل ،سنربط الحبل جي ًدا ونتأكد نقاشاتنا .ثمة شيء مستجد أردت أن أصفع وجهها
أننا لن نتبول على أنفسنا ،ونودع هذا العالم الغادر،
وبدأت المشي ببطء ،تشدني إلى الخلف رجل وتجذبني الخائن ،أو الذي اعتقدته كذلك( .ص.)47
الأخرى إلى الأمام ،أفلحت في الدخول إلى المقهى».. ورغم صفعه له فقد أحس بانكساره في مقابل
(ص.)118 شموخها.
وهكذا تأكد انتصار ميلاد الجديد مرة أخرى بتمكنه «صباح صفعت زينب ،توقف الزمن ،وتوقف جسدي
من الدخول إلى المقهى ،وقد كان الانتحار هو سبيل
عن الحركة .لم تنتظر مني زينب أن أنهي العراك،